مشارق الشموس (ط.ق) - المحقق الخوانساري - ج ١ - الصفحة ٣٢٦
الخبر السابق يقرب حمل بينك الروايتين على ما ذكره العلامة انتهى ولا يخفى إن ملاحظة الجمع بين الأدلة ليست باعتبار الخبر الصحيح السابق المذكور في باب الخنزير وهذه الروايات الضعيفة فقط بل باعتبار الاخبار المتكثرة المستفيضة الصحيحة وغير الصحيحة التي نقلنا في باب الكلب أيضا إذ لا قايل بالفرق بين شعر الخنزير وشعر الكلب سيما إذا كان الكلام مع السيد وهو ليس بقايل بالفرق فإذا عمل بظاهر هاتين الروايتين في الخنزير يجب أن يأول جميع تلك الروايات و هاتان الروايتان مع عدم صحة أحديهما مما لا يصلح لمعارضة تلك الأخبار المتكثرة مع صحة كثير منها وقد علمت إنه نها على رأي من لا يقول بنجاسة البئر والقليل بالملاقاة لا يلزم حمل هاتين الروايتين أيضا على محمل بعيد أصلا فظهر بما قررنا إنه على أي حال يكون القوة لجانب النجاسة مع معاضدتها بالاحتياط ثم لا يذهب عليك إنه لو لم يكن مخافة خرق الاجماع المركب لما بعد القول بالفرق بين شعر الكلب والخنزير بل بين شعر الخنزير إذا كان عليه وبينه إذا انفصل عنه إذ على هذين الوجهين سيما على الأخير يصير طريق الجمع بين الروايات أسهل كما يظهر من التأمل فيما ذكرنا فتأمل ثم إن ها هنا رواية أخرى رواها التهذيب في باب الذبائح والأطعمة والفقيه في باب الصيد والذبايح عن برد الإسكاف قال قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) إني رجل خراز لا يستقيم عملنا إلا بشعر الخنزير نخوز به قال خذ منه وبرة فاجعلها في فخارة ثم أوقد تحتها حتى يذهب دسمه ثم اعمل به وهي بإطلاقها يصلح أن يجعل دليلا للسيد حيث لم يؤمر بغسل اليد لكن فيه ضعف حيث إن هذا الاطلاق بعد التقييد في روايات كثيرة سيما في روايتين آخريين من هذا الراوي بعينه لا يؤثر في شئ كما لا يخفى (والمسكرات خلافا لابن بابويه والحسن والجعفي) قال العلامة (ره) في المختلف الخمر وكل مسكر والفقاع والعصير إذا غلا قبل ذهاب ثلثيه بالنار أو من نفسه نجس ذهب إليه أكثر علمائنا كالشيخ المفيد والشيخ أبي جعفر والسيد المرتضى وسلار وابن إدريس وقال أبو علي بن أبي عقيل من أصاب ثوبه أو جسده خمرا ومسكر لم يكن عليه غسلهما لان الله تعالى إنما حرمهما تعبدا لا أنهما نجسان وكذلك سبيل العصير والخل إذا أصاب الثوب أو الجسد وقال أبو جعفر ابن بابويه لا بأس بالصلاة في ثوب أصابه خمر لان الله تعالى حرم شربها ولم يحرم الصلاة في ثوب أصابه مع أنه قد حكم بنزح ماء البئر أجمع بانصباب الخمر فيها انتهى وقال صاحب المعالم بعد نقل خلاف الصدوق والحسن بن أبي عقيل وعزى في الذكرى إلى الجعفي وقال الصدوق وابن عقيل ولا يعرف هذا القول لسواهم من الأصحاب انتهى وقال المحقق في المعتبر الخمر نجسة العين وهو مذهب الثلاثة وأتباعهم والشافعي وأبي حنيفة وأكثر أهل العلم وقال محمد بن بابويه وابن أبي عقيل منا ليست نجسة ويصح الصلاة مع حصولها في الثوب وإن كانت محرمة انتهى ونحن نأتي بالكلام في بحثين الأول في الخمر والثاني في ساير المسكرات أما الأول فنقول احتج القائلون بنجاسة الخمر بوجوه منها ما قال العلامة في المختلف بقوله الأول الاجماع على ذلك فإن السيد المرتضى قال لا خلاف بين المسلمين في نجاسة الخمر إلا ما يحكى عن شذاذ لا اعتبار بقولهم وقال الشيخ الخمر نجسة بلا خلاف وكل مسكر عندنا حكمه حكم الخمر والحق أصحابنا الفقاع بذلك وقول السيد المرتضى والشيخ حجة في ذلك فإنه إجماع منقول بقولهما وهما صادقان فيغلب على الظن ثبوته والاجماع كما يكون حجة إذا نقل متواترا فكذا إذا نقل أحادا انتهى ومنها قوله تعالى إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه واستدل به في المعتبر والمختلف بوجهين أحدهما إن الموصف بالرجاسة وصف بالنجاسة لترادفهما في الدلالة والثاني إنه أمر بالاجتناب وهو موجب للتباعد المستلزم للمنع من الاقتراب لجميع الأنواع لان معنى اجتنابها كونه في جانب غير جانبها فيستلزم المنع من أكله وملاقاته وتطهير المحل بإزالته ولا معنى للنجس إلا ذلك وزاد في المنتهى وجها آخرا وهو إن ما حرم على الاطلاق كان نجسا كالدم والبول وفي الوجوه جميعا نظر أما الأول فلان الرجس لا نسلم إنه مرادف للنجس وقول الشيخ في التهذيب الرجس هو النجس بلا خلاف لا حجة فيه لان أهل اللغة لم يذكروا النجس في معناه بل ذكروا له معاني أخر لا يقرب منه أيضا سوى ما ذكروا من القذر والظاهر أن القذر ليس هو النجس المصطلح بل هو ما يستقذره الطبع ويستكرهه وهو غير معنى النجس المصطلح مع أنه لو فرض أنهم ذكروا النجس في معناه أيضا لا شكل الحكم إذ لم يعلم أن النجس في اللغة بالمعنى المصطلح بين الفقهاء المراد ها هنا وكونه في العرف والشرع أيضا بهذا المعنى ممنوع إذ لا دليل عليه أصلا مع أن في الآية الكريمة وقع خبرا عن الخمر والميسر والأنصاب والأزلام جميعا في الظاهر فلا يخلو أما أن يقدر مضاف محذوف ليصح حمله على الجميع مثل التعاطي ونحوه وعلى هذا ظاهر أنه لا يصح جعله بمعنى النجس لان تعاطي الخمر مثلا ليس نجسا بل لا بد من حمله على معنى آخر مثل الماء ثم لأنه من بعض معانيه أو العمل المستقذر أو القذر الذي يعاف منه العقول كما يوجد في كلام جماعة من المفسرين أو يقال إن المراد إن كل واحد رجس وحينئذ أيضا لا يصح الحمل على النجس وإلا يلزم استعمال اللفظ في معنييه الحقيقيين بل الحقيقي والمجازي أو يجعل الرجس المذكور خبرا عن الخمر فقط ويقدر لكل من الأمور الأخر خبرا آخر وعلى هذا أيضا لا يصح حمل الرجس على النجس لان القرينة على التقدير دلالة المذكور على المحذوف فلو حمل الرجس على النجس يلزم أن يكون الرجس المقدر أيضا كذلك ولو فرض جواز الاكتفاء في الدلالة بمجرد الاشتراك في اللفظ وإن لم يكن المعنى في الجميع واحدا فلا ريب أنه المرجوح بالنسبة إلى الاحتمالات السابقة ولا أقل من التساوي وعلى هذا كيف يستقيم الاستدلال وأما الثاني فلان المتبادر من الاجتناب من كل شئ الاجتناب عما يتعارف في الاقتراب منه مثلا المتعارف في اقتراب الخمر الشرب منه وفي اقتراب الميسر اللعب به وفي اقتراب الأنصاب عبادتها فعلى هذا يكون الامر بالاجتناب عن الخمر المتبادر منه الاجتناب عن شربه كما أن الاجتناب في أخواته أيضا كذلك لا الاجتناب من جميع الوجوه وهذا كما
(٣٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 321 322 323 324 325 326 327 328 329 330 331 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ترجمة المصنف (قدس) 2
2 ترجمة الشارح (قدس) 3
3 كتاب الطهارة معنى الطهارة لغة 5
4 اشتراط النية في الطهارة 5
5 في وجوب الوضوء 5
6 بيان وجوب الوضوء لمس خط القرآن 11
7 وجوب غسل الجنابة للصلاة 15
8 في وجوب التيمم للصلاة 16
9 في بيان وجوب الطهارات لنفسها أو لغيرها 26
10 حكم امكان التوضؤ والغسل والتيمم قبل الوقت وعدم امكانه بعد الوقت 32
11 استحباب الوضوء للصلوات المندوبة 33
12 تنبيه في التسامح في أدلة السنن 34
13 استحباب غسل الجمعة 39
14 وقت غسل الجمعة 41
15 الأغسال المستحبة في شهر رمضان 43
16 استحباب غسل العيدين 44
17 في الأغسال المستحبة 44
18 في رافعية الغسل المندوب للحدث 47
19 في استحباب التيمم بدل الوضوء المستحب 50
20 موجبات الوضوء 51
21 موجبات الغسل 61
22 في وجوب الوضوء مع الأغسال الواجبة الا الجنابة 69
23 وجوب ستر العورة عن الناظر 70
24 حرمة استقبال القبلة واستدبارها 70
25 في المسح بالحجر 75
26 مستحبات التخلي 78
27 فيما يستحب حال التخلي 78
28 ما يستحب عند الاستنجاء 79
29 في كيفية الخرطات التسع 80
30 المكروهات في حال التخلي 81
31 في عدم اشتراط الاستنجاء في صحة الوضوء 86
32 في وجوب النية المشتملة على القربة عند الوضوء 88
33 في حكم المبطون والسلس والمستحاضة 91
34 في اشتراط قصد الإطاعة وعدمه 91
35 فيما لو نوى رفع حدث واستباحة صلاة بعينها 94
36 عدم صحة الطهارة وغيرها من العبادات من الكافر 98
37 في بطلان لو نوى لكل عضو نية تامة 98
38 حكم البالغ في الوقت 100
39 في حد غسل الوجه 100
40 غسل الاذنين ومسحهما بدعة 107
41 في حد غسل اليدين 108
42 عند افتقار الطهارة إلى معين بأجرة 112
43 في حد مسح الرأس 112
44 في كراهة مسح جميع الرأس 118
45 وجوب مسح الرجلين 118
46 في عدم جواز المسح على حائل من خف وغيره الا لتقية أو ضرورة 125
47 في اشتراط الموالاة 127
48 سنن الوضوء 131
49 فيما لو شك في عدد الغسلات السابقة بنى على الأقل 138
50 فيما لو شك في الحدث والطهارة بنى على المتيقن 141
51 في تعدد الوضوء ولا يعلم محل المتروك 145
52 في زوال العذر في الوضوء 153
53 حصول الجنابة بانزال المني 156
54 حصول الجنابة بمواراة الحشفة أو قدرها من المقطوع 160
55 حكم من لو وجد المني على ثوبه 162
56 فيما يحرم في حال الجنابة 164
57 في كيفية الغسل 168
58 في مستحبات الغسل 176
59 هل يكفى المسح كالدهن أم تجب الإفاضة 177
60 حكم ما لو أحدث في أثناء الغسل 179
61 درس: في الماء المطلق في اختلاط الماء الطاهر بالنجس وهي أربعة أقسام باعتبار اختلاف احكامها 185
62 أولا: الراكد دون الكر 185
63 ثانيا: في الماء الراكد الكثير 196
64 وثالثا: في الماء الجاري نابعا 205
65 في حكم ماء الغيث النازل كالنابع 211
66 رابعا: ماء البئر 215
67 في كيفية طهارة ماء البئر إذا وقع فيه شئ 220
68 فيما لو تغير ماء البئر 238
69 فيما لو اتصل ماء البئر بماء جارى طهرت 241
70 فيما إذا غارت البئر ثم عادت 244
71 في استحباب تباعد البئر عن البالوعة 246
72 في طهورية الماء المستعمل في الوضوء 247
73 طهارة الماء المستعمل في الاستنجاء 252
74 في حكم الماء المستعمل في إزالة النجاسات 254
75 الماء المضاف لا يرفع حدثا ولا يزيل خبثا 259
76 في طهارة الخمر بالخلية والمرق المتنجس بقليل الدم بالغليان 262
77 فيما لو اشتبه المطلق بالمضاف وفقد غيرهما تطهر بكل منهما 264
78 كراهة سؤر الجلال وآكل الجيف مع الخلو عن النجاسة 268
79 في سؤر غير مأكول اللحم 270
80 حرمة استعمال الماء النجس والمشتبه به في الطهارة 281
81 فيما إذا صلى بالمشتبه أعاد الصلاة في الوقت وخارجه 288
82 لا يشترط في التيمم عند اشتباه الانية اهراقها 292
83 حكم النجاسات وهي عشر البول والغائط 293
84 المني والدم من ذي النفس السائلة 301
85 الميتة من ذي النفس السائلة 309
86 الكلب والخنزير ولعابهما 321
87 المسكرات 326
88 تذنيب في استدلال العلامة على طهارة الخمر وجوابه 333
89 في حكم الفقاع 336