مشارق الشموس (ط.ق) - المحقق الخوانساري - ج ١ - الصفحة ٢٦٢
بالحقيقة والعدل التقديري لا عبرة به كما عرفت فلو فرض لو أنه توضأ مثلا المكلف من ذلك المفروض وصب على أعضاء وضوئه منه بقدر ما يحصل اليقين أو الظن بأن ما فيه من أجزائه المطلقة يجري على تمام العضو لينبغي القول بأنه ممتثل للامر بالوضوء إذ غسل أعضائه بالماء المطلق ولا دليل على قدح أضافه المضاف إليه على النحو المفروض نعم لو لم يتقن أو يظن بأن أجزاؤه المطلقة يجري على تمام العضو فلا سبيل إلى الحكم بالامتثال هذا ثم قد يعرض شك في مسح الوضوء حيث أنه لا بد على ما ذكرنا من أن يكون النداوة التي يمسح بها بقدر ما يحصل اليقين أو الظن بأن النداوة المائية منه يكفي في المسح وحينئذ لعله ينجر الامر في بعض الصور إلى الجريان فلو قيل إن الجريان القليل في المسح لا يضر مطلقا فلا إشكال ولو فرض عدم إجزائه فهل ما نحن فيه أيضا كذلك أم لا فيه إشكال من حيث أنه يمكن أن يقال إن جريان الماء قد ثبت أنه غير مجز وهذا الجريان ليس من الماء فقط وبالجملة الصورة التي لا تنجر إلى الجريان في المسح فالاجزاء لا يخلو عن قوة والاحتياط إن وجد ماء آخر أن يتطهر بذلك الاخر وإن لم يوجد فيتطهر به ويتيمم هذا ما يتعلق برفع الحدث وأما إزالة الخبث فمع استهلاك أحدهما الاخفاء في الحكم فيه وأما مع عدم الاستهلاك فالظاهر عدم جواز الإزالة به لان ما فيه من المضاف ينجس بملاقاة النجاسة وهو موجود في المحل وتطهير الاجزاء المطلقة له غير ظاهر مع أن الأصل بقاء النجاسة في المحل والمضاف جميعا بحالها هذا ثم لا يبعد حمل كلام الشيخ (ره) على ما ذكرنا بأن يكون مراده من الكثرة الاستهلاك اطلاقا للازم على الملزوم وبالتساوي عدمه وحينئذ يكون كلامه مجملا منطبقا على ما ذكرنا مفصلا ثم على تقدير المخالفة هل يعتبر الأوصاف في نهاية الشدة أو نهاية الضعف أو الوسط رجح المصنف في الذكرى الأخير وكذا المحقق الثاني وذكر له دليلا في بعض فوائده ونحن بعد ما أبطلنا أصل التقدير نكون في سعة من بيان كيفية وتحقيق الحال فيه (ويطهر الخمر بالحلية وإن عولج إذا كان بطاهر والعصير المشتد بها وبذهاب ثلثيه بالغليان) الضمير في بها راجع إلى الحلية وهذه الأحكام سيجئ عن قريب في محلها الأنسب بها من هنا وسنتكلم عليها هناك إنشاء الله تعالى ولم يظهر وجه إتيانه بها ها هنا مع ذكرها فميا بعد (و المرق المنجس بقليل الدم يطهر بالغليان في المشهور واجتنابه أحوط) قال المصنف (ره) في الذكرى أما غليان القدر فغير مطهر وإن كانت النجاسة دما في الأحوط و المشهور الطهارة مع قلة الدم للخبر عن الصادق (عليه السلام) والرضا (عليه السلام) صححه بعض الأصحاب وطعن فيه الفاضل (ره) في المختلف بجهالة بعض رواته ويندفع بالمقبولية ونسبه ابن إدريس إلى الشذوذ من اشتهاره وإلى مخالفة الأصل من طهارة غير العصير بالغليان وهو مصادرة والخبر معلل بأن النار تأكل الدم ففيه إيماء إلى مساواة العصير في الطهارة بالغليان وبجريانه مجرى دم اللحم الذي لا يكاد ينفك منه والحمل على دم طاهر بعيد انتهى كلامه ولنذكر أولا ما يوجد من الروايات في هذا الباب ثم نتكلم عليها بما يليق بالمقام فمنها ما رواه الكافي في كتاب الذبايح باب الدم يقع في القدر في الصحيح عن سعيد الأعرج قال سئلت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قدر فيها جزور وقع فيها قدرا أوقية من دم أيؤكل قال نعم فإن النار تأكل الدم وهذا الخبر رواه الصدوق (ره) أيضا في الفقيه في أواخر باب الصيد والذبائح في الموثق قال وسأل سعيد الأعرج أبا عبد الله (عليه السلام) عن قدر فيها لحم جزور وقع فيها أوقية من دم أيؤكل منها قال نعم فإن النار تأكل الدم ومنها ما رواه الشيخ في التهذيب في أواخر باب تطهير الثياب وغيرها من النجاسات عن زكريا ابن آدم قال سئلت أبا الحسن (عليه السلام) عن قطرة خمر أو نبيذ مسكر قطرت في قدر فيه لحم كثير ومرق كثير قال يهراق المرق أو يطعم أهل الذمة أو الكلب واللحم اغسله وكله قلت فإنه قطر فيه دم قال الدم تأكله النار إنشاء الله تعالى قلت فخمر أو نبيذ قطر في عجين أو دم قال فقال فسد قلت أبيعه من اليهود والنصارى وأبين لهم قال نعم فإنهم يستحلون شربه قلت والفقاع هو بتلك المنزلة إذا قطر في شئ من ذلك قال فقال أكره إن آكله إذا قطر في شئ من طعامي ومنها ما رواه التهذيب في أواخر باب الذبايح والأطعمة عن زكريا ابن آدم مثل ما سبق بعينه كذا بأدنى تغيير لكن بطريق آخر غير طريقة وروى الاستبصار أيضا هذا الخبر بعينه إلى قوله إنشاء الله تعالى بالطريق الأخير في باب الخمر يصير خلا بما يطرح فيه وهذه الرواية بعينها كذا بأدنى تغيير في الكافي أيضا في كتاب الأشربة في باب المسكر يقطر منه في الطعام والطريق الأخير في التهذيب والاستبصار مأخوذ من الكافي هذا ما وجدنا من الرواية ثم إن الشيخ (ره) في النهاية قال القدر إذا كان يغلي على النار فإن حصل فيها شئ من الدم فإن كان قليلا ثم على جاز أكل ما فيها لان النار يحيل الدم وإن كان كثيرا لم يجز كل ما وقع فيه وقال المفيد (ره) في المقنعة فإن وقع دم في قدر يغلي على النار جاز أكل ما فيها بعد زوال عين الدم وتفرقها بالنار وإن لم يزل عين الدم فيها حرم ما خالطه الدم وحل ما أمكن غسله بالماء ونقل العلامة (ره) في المختلف عن سلار أيضا مثل ما نقل عن المفيد وعن ابن البراج أيضا مثل ما نقلنا عن الشيخ (ره) ثم قال نقلا عنه وقيل إن هذا إنما جاز في الدم بغير غسل اللحم لان النار يحيل الدم ولأن اللحم لا يكاد يعرى عنه وقد جاز أكله بعد الغسل مع أنه كذلك والأحوط عندي في الوجهين جميعا أن لا يؤكل شيئا انتهى ما نقل عن ابن البراج وبالغ ابن إدريس في إنكار ما نقل عن الشيخ وتبعه المتأخرون وقال العلامة في المختلف والمعتمد أنه لا يحل أكل اللحم والتوابل حتى يغسل ثم أورد الاحتجاج من قبل الشيخ بالحديثين المذكورين وأجاب بحمل الدم على ما ليس بنجس كدم السمك و شبهه وبمنع صحة السند قال فإن سعيد الأعرج لا أعرف حاله والاحتجاج يتوقف على معرفة عدالته وفي طريق الثانية أي طريق الكافي محمد بن موسى وفيه
(٢٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 257 258 259 260 261 262 263 264 265 266 267 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ترجمة المصنف (قدس) 2
2 ترجمة الشارح (قدس) 3
3 كتاب الطهارة معنى الطهارة لغة 5
4 اشتراط النية في الطهارة 5
5 في وجوب الوضوء 5
6 بيان وجوب الوضوء لمس خط القرآن 11
7 وجوب غسل الجنابة للصلاة 15
8 في وجوب التيمم للصلاة 16
9 في بيان وجوب الطهارات لنفسها أو لغيرها 26
10 حكم امكان التوضؤ والغسل والتيمم قبل الوقت وعدم امكانه بعد الوقت 32
11 استحباب الوضوء للصلوات المندوبة 33
12 تنبيه في التسامح في أدلة السنن 34
13 استحباب غسل الجمعة 39
14 وقت غسل الجمعة 41
15 الأغسال المستحبة في شهر رمضان 43
16 استحباب غسل العيدين 44
17 في الأغسال المستحبة 44
18 في رافعية الغسل المندوب للحدث 47
19 في استحباب التيمم بدل الوضوء المستحب 50
20 موجبات الوضوء 51
21 موجبات الغسل 61
22 في وجوب الوضوء مع الأغسال الواجبة الا الجنابة 69
23 وجوب ستر العورة عن الناظر 70
24 حرمة استقبال القبلة واستدبارها 70
25 في المسح بالحجر 75
26 مستحبات التخلي 78
27 فيما يستحب حال التخلي 78
28 ما يستحب عند الاستنجاء 79
29 في كيفية الخرطات التسع 80
30 المكروهات في حال التخلي 81
31 في عدم اشتراط الاستنجاء في صحة الوضوء 86
32 في وجوب النية المشتملة على القربة عند الوضوء 88
33 في حكم المبطون والسلس والمستحاضة 91
34 في اشتراط قصد الإطاعة وعدمه 91
35 فيما لو نوى رفع حدث واستباحة صلاة بعينها 94
36 عدم صحة الطهارة وغيرها من العبادات من الكافر 98
37 في بطلان لو نوى لكل عضو نية تامة 98
38 حكم البالغ في الوقت 100
39 في حد غسل الوجه 100
40 غسل الاذنين ومسحهما بدعة 107
41 في حد غسل اليدين 108
42 عند افتقار الطهارة إلى معين بأجرة 112
43 في حد مسح الرأس 112
44 في كراهة مسح جميع الرأس 118
45 وجوب مسح الرجلين 118
46 في عدم جواز المسح على حائل من خف وغيره الا لتقية أو ضرورة 125
47 في اشتراط الموالاة 127
48 سنن الوضوء 131
49 فيما لو شك في عدد الغسلات السابقة بنى على الأقل 138
50 فيما لو شك في الحدث والطهارة بنى على المتيقن 141
51 في تعدد الوضوء ولا يعلم محل المتروك 145
52 في زوال العذر في الوضوء 153
53 حصول الجنابة بانزال المني 156
54 حصول الجنابة بمواراة الحشفة أو قدرها من المقطوع 160
55 حكم من لو وجد المني على ثوبه 162
56 فيما يحرم في حال الجنابة 164
57 في كيفية الغسل 168
58 في مستحبات الغسل 176
59 هل يكفى المسح كالدهن أم تجب الإفاضة 177
60 حكم ما لو أحدث في أثناء الغسل 179
61 درس: في الماء المطلق في اختلاط الماء الطاهر بالنجس وهي أربعة أقسام باعتبار اختلاف احكامها 185
62 أولا: الراكد دون الكر 185
63 ثانيا: في الماء الراكد الكثير 196
64 وثالثا: في الماء الجاري نابعا 205
65 في حكم ماء الغيث النازل كالنابع 211
66 رابعا: ماء البئر 215
67 في كيفية طهارة ماء البئر إذا وقع فيه شئ 220
68 فيما لو تغير ماء البئر 238
69 فيما لو اتصل ماء البئر بماء جارى طهرت 241
70 فيما إذا غارت البئر ثم عادت 244
71 في استحباب تباعد البئر عن البالوعة 246
72 في طهورية الماء المستعمل في الوضوء 247
73 طهارة الماء المستعمل في الاستنجاء 252
74 في حكم الماء المستعمل في إزالة النجاسات 254
75 الماء المضاف لا يرفع حدثا ولا يزيل خبثا 259
76 في طهارة الخمر بالخلية والمرق المتنجس بقليل الدم بالغليان 262
77 فيما لو اشتبه المطلق بالمضاف وفقد غيرهما تطهر بكل منهما 264
78 كراهة سؤر الجلال وآكل الجيف مع الخلو عن النجاسة 268
79 في سؤر غير مأكول اللحم 270
80 حرمة استعمال الماء النجس والمشتبه به في الطهارة 281
81 فيما إذا صلى بالمشتبه أعاد الصلاة في الوقت وخارجه 288
82 لا يشترط في التيمم عند اشتباه الانية اهراقها 292
83 حكم النجاسات وهي عشر البول والغائط 293
84 المني والدم من ذي النفس السائلة 301
85 الميتة من ذي النفس السائلة 309
86 الكلب والخنزير ولعابهما 321
87 المسكرات 326
88 تذنيب في استدلال العلامة على طهارة الخمر وجوابه 333
89 في حكم الفقاع 336