الوهمية التي في الأرض بالرش ويمكن أن يكون الحكمة إزالة النجاسة الوهمية التي يحصل في الماء كما يشعر به صحيحة علي حيث قال فيها وهو يتخوف أن يكون السباع قد شربت منه لكن على هذا لا يناسب الصب على الجوانب إذ يكفي في هذا المعنى مطلق الصب وإن كان على جانب واحد ويمكن أن يكون الحكمة كلا المعنيين ويريد ما ذكرنا من الاستحباب وإن متعلق النضح الأرض ما رواه التهذيب في زيادات باب المياه في الحسن عن عبد الله بن يحيى الكاهلي قال سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول إذا أتيت ماء وفيه قلة فأنضح عن يمينك وعن يسارك وبين يديك وتوضأ وجه التأييد إما للاستحباب فلان الوجوب في هذا الموضع مما لا وجه له بناء على أصولهم المقررة لان فضل الوضوء لافساد فيه وإذا كان الامر فيه للاستحباب فهو قرينة على الاستحباب هاهنا أيضا كما لا يخفى وأما لكونه على الأرض فلظهور قوله بين يديك فيه أنه استشكل في الكلام المنقول عن النهاية فإن ظاهره كون المحذور في الفرض المذكور هو فساد الماء بنزول الجنب إليه واغتساله فيه ولا ريب إن هذا يزول بالأخذ من الماء والاغتسال خارجه فلا وجه للرش ووجه تارة بإرجاع الضمير المستتر في قوله نزل إلى الماء الغسل لا إلى مزيده وتارة بأن في بعض النسخ أن ينزل بلفظ المضارع وأن مفتوحة الهمزة على أنها مصدرية وحينئذ فاعل ينزل فساد الماء ولا فساد فيه فيمكن أن يحصل الاشتباه في بعض النسخ الذي ليس كذلك والظاهر أن الكل تكلف مستغن عنه إذ لا ظهور له في أن الرش إنما هو لدفع محذور النزول بل يفهم منه إنه لو خاف من فساد الماء بالارتماس يغتسل مرتبا لكن يرش الماء على الجوانب وهذا لا يستلزم أن يكون لأجل فساد الماء بالارتماس بل يجوز أن يكون لوجه آخر من الوجوه المذكورة وهو ظاهر وحينئذ لا إشكال (واستحب المفيد التنزه عن مستعمل الوضوء) وكذا عن مستعمل الأغسال المندوبة بل لا يبعد أن يفهم من ظاهر كلامه استحباب التنزه عن المستعمل في الغسل المستحب أيضا كغسل اليد للطعام مثلا ولا شاهد له على هذا الحكم مما وقفنا عليه بل الظاهر من رواية زرارة المتقدمة في بحث طهورية مستعمل الوضوء يدل على استحباب الوضوء منه إلا أن يقال إنه مختص بمستعمل وضوئه (صلى الله عليه وآله) لشرفه واحتج في الحبل المتين للمفيد (ره) برواية محمد بن علي بن جعفر المنقولة آنفا عن الكافي وفيه نظر لأن الظاهر إنها في ماء الحمام كما يشعر به صدر الرواية ويدل عليه ظاهرا عجزها لأنه ذكر بعد ما نقلنا سابقا قال محمد بن علي فقلت لأبي الحسن (عليه السلام) إن أهل المدينة يقولون فيه شفاء من العين فقال كذبوا يغتسل فيه الجنب من الحرام والزاني والناصب الذي هو شرهما وكل من خلق الله ثم ذكر ما يكون فيه شفاء من العين إنما شفاء العين قراءة الحمد والمعوذتين وآية الكرسي والبخور بالقسط والمرو اللبان وحينئذ لا دلالة لان الكراهة في الاغتسال من ماء الحمام باعتبار إنه لا ينفك غالبا من اغتسال الجنب من الحرام والناصب وغيرهما لا يقتضي كراهة مستعمل الأغسال مطلقا مع أنه لو سلم التعميم في الأغسال فأين الدلالة على مستعمل الوضوء إلا أن يكون مراده (ره) من الاحتجاج المذكور الاحتجاج على كراهة مستعمل الأغسال المندوبة فقط (والمستعمل في الاستنجاء طاهر ما لم يتغير أو يلاقيه نجاسة أخرى وقيل هو عفو) الظاهر أنه لا خلاف بين الأصحاب كما في الذكرى في جواز مباشرة ماء الاستنجاء مطلقا وعدم وجوب إزالته عن الثوب والبدن للصلاة وغيرها على الشروط التي سنذكرها إن شاء الله تعالى وإنما الكلام في أنه طاهر أو معفو عنه فلنذكر أولا ما يدل على الحكم الأول من الروايات ثم نتكلم في كونه طاهرا أو معفوا عنه وثمرة النزاع وما يتعلق به ثم نبين الشروط التي ذكروها وما فيها من الكلام أما الروايات فمنها ما رواه التهذيب في باب صفة الوضوء في الصحيح ظاهرا عن عبد الكريم بن عتبة الهاشمي قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يقع ثوبه على الماء الذي استنجى به أينجس ذلك ثوبه فقال لا ومنها ما رواه أيضا في هذا الباب في الصحيح عن محمد بن النعمان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال قلت له أستنجي ثم يقع ثوبي فيه وأنا جنب فقال لا بأس به ومنها ما رواه أيضا في هذا الباب والكافي في باب اختلاط ماء المطر بالبول والفقيه في باب ما ينجس الثوب والجسد في الحسن عن محمد بن النعمان الأحول قال قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) أخرج من الخلاء فأستنجي بالماء فيقع ثوبي في ذلك الماء الذي استنجيت به فقال لا بأس به وزاد الفقيه ليس عليك شئ وهذه الروايات وإن كانت مختصة بنفي البأس عن وقوع الثوب فيه لكن جماع الأصحاب على عدم التخصيص وظهور عدم مدخلية خصوص الثوب مما يكفي في الحكم بعموم نفي البأس سيما مع تأييده بالأصل وأما ما رواه العيص بن القاسم قال سألته عن رجل أصابه قطرة طست فيه وضوء فقال إن كانت من بول أو قذر فيغسل ما أصابه فعام وما ذكروه خاص فيجب حمله عليه مع أن في سنده كلاما سيجئ وقس عليه الحال في الروايات المتقدمة في بحث نجاسة القليل بالملاقاة مع أن في عمومها كلاما كما مر غير مرة خصوصا في نجاسته بوروده على النجاسة وأما إنه طاهر أو معفو عنه فاعلم إن المحقق (ره) قال في المعتبر وأما طهارة ماء الاستنجاء فهو مذهب الشيخين وقال علم الهدى في المصباح لا بأس بما ينضح من ماء الاستنجاء على الثوب والبدن وكلامه صريح في العفو وليس بصريح في الطهارة ويدل على الطهارة ما رواه الأحول وذكر الخبر المذكور آنفا ثم ذكر رواية عبد الكريم ثم قال ولأن التقصي عنه عسير فيسوغ العفو دفعا للعسر انتهى وقال العلامة في المنتهى عفى عن ماء الاستنجاء إذا سقط منه على ثوبه أو بدنه سواء رجع عن الأرض الطاهرة وصرح الشيخان بطهارته انتهى وقال المصنف في الذكرى وفي المعتبر ليس في الاستنجاء تصريح بالطهارة إنما هو بالعفو وتظهر الفائدة في استعماله ولعله أقرب ليقين البراءة بغيره انتهى وإذ قد عرفت هذا فنقول ما نسبه المحقق إلى المفيد (ره) من الحكم بالطهارة ظاهر لتصريحه به في المقنعة وأما الشيخ فلم نظفر في كلامه من كتبه المشهورة
(٢٥٢)