الغرض منه عدم الانتفاع ومن الاستعمال حتى يعارض ظاهر اللغة ولعل هذه الدعوى ليست ببعيدة وبالجملة الأظهر منع كون الامر في أحاديث أئمتنا عليهم السلام بمعنى الوجوب ولكن فيه أيضا انه وان لم يكن ظاهرا في الوجوب في الأحاديث فلا أقل من القدر المشترك بينه وبين الاستحباب وفيما نحن فيه لا يقول النافون للوجوب بالاستحباب أيضا هذا وأجاب في المختلف عن الحجة الثانية بأن المراد من الوجدان التمكن من الاستعمال وهو ممنوع من استعمال هذين الإنائين فلم يكن واجدا شرعا واحتج في المختلف على ما ذهب إليه بقوله لنا انه مما ينتفع به اما لسقي الدواب أو لشربه عند خوف العطش أو لامكان تطهيرهما أو لامكان تذكر الطاهر منهما انتهى وفيه نظر لان وجود نفع ظاهر لشئ لا يعارض امر الشارع باهراقه لان المصالح الخفية كثيرة ليس للعقل إليها سبيل إليها الا ترى ان شرب الخمر كبيرة مع أن فيه منافع كثيرة ولو فرض تحقق عمومات دالة على عدم جواز اتلاف مثل هذا الشئ للاسراف ونحوه يكون هذا الامر مخصصا لها وان كان بينه وبين بعضها عموم من وجه مثل ما وقع من وجوب حفظ النفس فحينئذ ينظر في طلب الترجيح غاية الأمر ان يكون ذلك البعض راجحا فيخصص هذا الامر به في تلك الصورة فلم لم يعمل به في الصور الأخرى ولو قيل الامر بالاهراق ولا تعويل عليه بناء على عدم صحة مستنده فعند ذلك لا حاجة إلى القول بأنه مما ينتفع به إذ يكفي ان وجوب الاهراق لا دليل عليه فينتفي بالأصل الا ان يقال مراده أيضا التمسك بالأصل وعدم مخرج عنه لكن أورد هذا الكلام للتأييد وهو كما ترى وبالجملة تحقيق الكلام في المقام ان يقال لما لم يتم دلالته الروايتين على وجوب الاهراق اما لعدم صحة السند وأما لعدم الظهور في الوجوب بناء على شيوع استعمال هذه العبارة في المنع من الاستعمال وكذا الدليل الآخر ولم يوجد غيرهما فلا وجوب بالأصل ثم إنه هل الاحتياط في الاهراق أم لا ففيه تفصيل وهو انه إذا كان في موضع يخاف العطش والهلاك على نفس محترمة فظاهر انه لا احتياط في الاهراق بل يجب حفظه ولو لم يكن كذلك لكن يتصور فيه بعض المنافع كشرب الشجر ونحوه أو يتصور تطهيره ويخاف على اتلافه الاسراف فحينئذ أيضا لا احتياط في الاهراق ولو لم يتصور له منفعة أصلا فالاحتياط في اتلافه درس (النجاسات عشر البول والغايط من غير المأكول) ادعى الفاضلان في المعتبر والمنتهى والتذكرة اجماع علماء الاسلام على نجاسة بول الانسان وغايطه وقد حكيا في المعتبر والتذكرة عن بعض العامة القول بطهارة بول رسول الله صلى الله عليه وآله والروايات الدالة على نجاستهما أيضا اما خصوصا أو عموما كثيرة مستفيضة لا حاجة إلى ذكرها لا غناء الاجماع المتاخم للضرورة عنه وسنورد أكثرها أيضا انشاء الله تعالى بتقريب المسائل الأخرى وقد استثنى عن هذا الاجماع بول الرضيع فإن فيه خلافا سيجئ وكذا ادعيا اجماع علماء الاسلام على نجاسة بول وروث ما لا يؤكل لحمه مما له نفس سائلة والمراد بالنفس الدم وسيلانه خروجه بقوة ودفع إذا قطع شئ من عروق صاحبه لاجتماعه فيها وكان على المصنف ان يقيد به والعلامة (ره) استثنى بعضا شاذا من أهل الخلاف من الاجماع المذكور فحكى عنه في المنتهى القول بطهارة أبوال البهائم كلها وذكر انه لا يعرف له دليلا وفي التذكرة القول بطهارة أبوال وأرواث جميع البهائم والسباع وحكم بخرقة للاجماع ثم إنه سيجئ الخلاف من علمائنا في خرء الطير فعدم استثناء الفاضلين له من دعوى الاجماع اما للاكتفاء بنقلهما الخلاف بعدها قريبا وأما لعدم اعتدادهما به بناء على معلومية نسب صاحبه والروايات الدالة على نجاسة بول ما لا يؤكل لحمه اما عموما أو خصوصا كثيرة مستفيضة يطول الكلام بذكرها وأما غايطه فليس بتلك المنزلة وما وجدنا من الروايات الدالة على نجاسة ما رواه التهذيب في باب تطهير الثياب عن ابن مسكان قال حدثني أبو بصير إلى أن قال وسئلته عن العذرة تقع في البئر فقال ينزح منها عشر دلاء وهذا الخبر في الاستبصار أيضا في باب البئر يقع فيها العذرة وما رواه التهذيب أيضا في باب تطهير الثياب في الصحيح عن زرارة بن أعين قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام رجل وطي على عذرة فساخت رجله فيها أينقض ذلك وضوئه وهل يجب عليه غسلها فقال لا يغسلها الا ان تقذرها ولكنه يمسحها حتى يذهب اثرها ويصلي ومعنى يقدرها يكرهها وما رواه التهذيب أيضا في هذا الباب عن عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئل عن الكوز إلى أن قال وعن الدقيق يصيب فيه جزء الفار هل يجوز اكله قال إذا بقي شئ فلا باس بأكله يؤخذ أعلاه فيرمى به ومنها ما رواه التهذيب أيضا في زيادات كتاب الطهارة باب المياه في الموثق عن عمار قال سئل أبو عبد الله عن البئر يقع فيها زنبيل عذرة يابسة أو رطبة فقال لا بأس إذا كان فيها ماء كثير وهذا الخبر في الاستبصار أيضا في باب البئر يقع فيها العذرة والدلالة باعتبار مفهوم الشرط وما رواه التهذيب أيضا في هذا الباب في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليه السلام قال سألته عن الدجاجة والحمامة وأشباهها تطأ العذرة ثم تدخل الماء يتوضأ منه للصلاة قال لا الا ان يكون الماء كثيرا قدر كر من ماء وهذا الخبر في الاستبصار أيضا في باب الماء القليل وما رواه التهذيب أيضا في الزيادات باب تطهير الثياب عن علي بن محمد قال سألته إلى أن قال وسألته عن الفارة والدجاجة والحمام وأشباهها يطأ العذرة ثم يطأ الثوب أيغسل قال إن كان استبان من اثره شئ فاغسله والا فلا باس وما رواه التهذيب أيضا في زيادات الجزء الأول من كتاب الصلاة عن أبي يزيد القمي عن أبي الحسن الرضا عليه السلام انه سئل عن جلود الدارش التي يتخذ منها الخفاف قال لا تصل فيها فإنها تدبغ بخرء الكلاب وما رواه التهذيب أيضا في كتاب الصيد والذبايح باب الذبايح باب الصيد والزكاة عن موسى بن أكيل عن بعض أصحابه عن أبي جعفر عليه السلام في شاة شربت بولا ثم ذبحت فقال يغسل ما في جوفها ثم لا باس به وكذلك إذا اعتلفت بالعذرة ما لم يكن جلالة والجلالة التي يكون ذلك غذاؤها وما رواه التهذيب في زيادات الجزء
(٢٩٣)