مع غسل تلك اللمعة لان الترتيب سقط في حقه وقد غسل أكثر بدنه فأجزأه لقول أبي عبد الله (عليه السلام) فما جرى عليه الماء فقد أجزأه انتهى ولا يخفى أن سقوط الترتيب في حقه لادخل له في عدم وجوب الإعادة لان الكلام في أن الواجب غسل جميع الأعضاء دفعة واحدة ولم يتحقق وما ذكره أيضا من غسل أكثر البدن لا وجه له ويمكن أن يقال أن مرده من سقوط الترتيب في حقه دفع الاحتمال الأخير ومما ذكره من غسل أكثر البدن غسل ما يصدق معه عرفا أنه ارتمس ارتماسة واحدة كما سبق وأما ما ذكره من قوله (عليه السلام) فلا دلالة له لأنه في سياق الترتيب وقس عليه نظيريه المنقولين آنفا والأولى الاستدلال عليه بثاني الخبرين المذكورين وخبر هارون بن حمزة العنوي وخبر إسحاق بن عمار وخبر زرارة المتقدمة في بحث الغسل بصاع وقد يناقش فيها أيضا بجواز حملها على المرتب لتعارف الترتيب وشيوعه في عهدهم (عليه السلام) والحاصل أن المسألة لا يخلو من إشكال إذ لا ظن يعتد به بظهور خبر الارتماس دفعة واحدة في وجوب غسل جميع الأعضاء دفعة حتى الجزء الصغير جدا وكذا لا ظن بشمول هذين الخبرين للارتماس أيضا لكن لما كان غاية الأمر الشك في الحكم فلا يبعد الاكتفاء بالقدر المتيقن وهو غسل اللمعة فقط كما مر غير مرة لكن الاحتياط في الإعادة والتفصيل الذي ذكره الشارح المحقق (ره) نظر إلى أنه مع عدم الفصل الكثير تصدق عليه الوحدة العرفية فيكون غسلها فقط مجزيا ومع وجوده لا تصدق فلا يكون مجزيا وأنت خبير بأنه إنما يصح لو لم يخرج المغتسل من الماء ويكون تحته و أما إذا خرج فلا لأنه إما أن يسلم دلالة الخبر على وجوب غسل جميع الأعضاء في الارتماسة الواحدة أو لا فإن لم يسلم فلا فرق في الاجزاء بين الصورتين وإن سلم فلا يخفى إنه عند الخروج وإن لم يقع فصل كثير لم يصدق على غسل اللمعة أنه وقع في الارتماسة الواحدة ولو سلم فإنما يسلم إذا أرمسها أيضا في الماء وأما إذا مسحها أو صب الماء عليها كما يفهم من إطلاق كلامه جوازهما أيضا فلا فتدبر وأما الاحتمال الأخير فكان بناء على أن الارتماس يترتب حكما كما سبق في بيان فايدة تلك المسألة وقد عرفت ضعف المبنى (ولو أحدث في أثنائه أعاد على الأقوى) الحدث المتخلل إما أن يكون أصغرا أو أكبرا فإن كان أصغر فقد اختلف الأصحاب فيه على أقوال فالشيخ في النهاية وظاهر المبسوط على إعادة الغسل ونقل الصدوق أيضا في الفقيه عن أبيه وبه قال العلامة في جملة من كتبه والشهيد الثاني من المتأخرين وذهب ابن البراج إلى أنه يتم الغسل ولا وضوء عليه واختاره ابن إدريس ومن المتأخرين المحقق الثاني (ره) وحكم السيد المرتضى (ره) بالاتمام والوضوء واختاره المحقق (ره) في المعتبر ومن المتأخرين الفاضل الأردبيلي وصاحب المدارك رحمهما الله وخير المذاهب أوسطها احتج العلامة في المختلف على وجوب الإعادة بقوله لنا أن الحدث الأصغر ناقض للطهارة لكمالها فلابعاضها أولى وإذا انتقض ما فعله وجب عليه إعادة الغسل لأنه جنب لم يرتفع حكم جنابته بغسل بعض أعضائه ولا أثر للحدث الأصغر مع الأكبر انتهى وفيه من الخلل ما لا يخفى لان الحدث الأصغر لو كان ناقضا للغسل بعد كماله لكان موجبا له هذا خلف وأيضا فرق بين بعد اكمال الغسل وقبله لان بعده قد ارتفع الحدث الأكبر فيؤثر الحدث الأصغر وأما قبله فلم يرتفع فلا أثر له كما اعترف به نفسه (ره) ولا يخفى أن الايراد الثالث لا يجتمع مع الأول إذ لو حمل النقض على النقض بالكلية فلا يرد إلا ما أورد أولا ولو حمل على النقض في الجملة أي نقض الاستباحة الحاصلة من الغسل باعتبار رفع الحدث الأصغر أيضا فلا يرد الأول فالأولى أن يستفسر ويورد الأول لو اختار الأول والثالث لو اختار الثاني والظاهر أن مراد العلامة (ره) من هذا الاستدلال إن الحدث الأصغر أي السبب ناقض للطهارة بكمالها في الجملة فيكون ناقضا لابعاضها بطريق الأولى ولا يمكن أن يكون نقضه باعتبار إيراثه الحدث الأصغر بمعنى الأثر حتى يكفي في رفعه الوضوء لأنه لا يجتمع مع الحدث الأكبر وهاهنا الحدث الأكبر متحقق البتة لأنه لا يرتفع بغسل بعض الأعضاء فيكون نقضه باعتبار إبطال حكم ذلك البعض وإذا بطل حكمه فيجب الغسل بتمامه والذي يدل على أن مراده (ره) هذا قوله ولا أثر إلى آخره إذ لو لم يحمل على هذا لكان لغوا محضا بل مناقضا لما ذكره أولا من النقض وعلى هذا اندفع الايراد الأول والثالث جميعا نعم الايراد الثاني باق لم يندفع وأيضا يمكن الايراد عليه بمنع امتناع اجتماع الحدثين وما يستدل به عليه من أن الغسل فقط يبيح الصلاة وإن كان بعد الحدث الأصغر أيضا فهذا دليل على أن لا أثر له مع الحدث الأكبر وإلا لاحتاج إلى الوضوء ضعيف إذ لا دليل على انحصار رافع الحدث الأصغر في الوضوء لم لا يجوز أن يكون الغسل رافعا للحدثين معا ثم إن الشهيد الثاني (ره) قد تصدى لإقامة الدليل على هذا المطلب وتنقيحه وتحقيقه بحيث لا يرد عليه شئ وأطال الكلام بما حاصله أنه دلت الأدلة بل الاجماع على أن الاحداث المعدودة سبب لوجوب الطهارة سواء تعددت أم اتحدت وتداخلها مع اتفاقها أو دخول الأصغر تحت الأكبر في الجنابة مع فرض الاجتماع لا يوجب سقوط ما ثبت لها من السببية ودل عليه الدليل وانعقد الاجماع فالأصل فيها أن يكون كل واحد منها سببا تاما في سببيتها وعلى هذا فلا بد للحدث الواقع في أثناء الغسل من طهارة ترفع أثره وهو إما الوضوء أو الغسل بتمامه لان أجزاء الغسل كلا منها مؤثر ناقض في رفع الحدث الأكبر والأصغر معا على تقدير وجوب الأصغر قبل الغسل إذ لو أخل بلمعة يسيرة من بدنه لم يرتفع الحدث أصلا لكن الوضوء لا يمكن أن يكون رافعا هاهنا للاجماع على عدم مجامعة الوضوء الواجب لغسل الجنابة فيتعين أن يكون الرافع الغسل بتمامه فثبت المطلوب وفيه نظر أما أولا فلمنع ما ذكره من دلالة الأدلة بل الاجماع على أن الاحداث المعدودة سبب لوجوب الطهارة
(١٧٩)