مشارق الشموس (ط.ق) - المحقق الخوانساري - ج ١ - الصفحة ٢٠٥
مماسة لا ممازجة واتحاد فأشبه المتصل بغير الماء في انفعاله من النجاسة لقلته والتردد في هذا الحكم بعد الذهاب إلى أن الكثير الجامد لا ينجس بملاقاة النجاسة إلا وجه له أيضا وبالجملة الظاهر نجاسة موضع الملاقاة سواء كان كثيرا أو قليلا بناء على نجاسة الرطب الملاقي للنجاسة وعدم سراية النجاسة إلى ما عداه لعدم دليل عليه (ويطهر بإلقاء النجاسة وما يكتنفها) كالدهن النجس الذي ليس بمايع (ولو اتصل الموضع بالكثير فإن زال العين وتخلل طهر) لا خفاء في هذا الحكم وكان المراد بالمتخلل وصول الماء إلى جميع ما لاقته النجاسة ثم اختصاص تطهيره بالكثير كما يفهم من فحوى العبارة دون القليل سيجئ تفصيل القول فيه إنشاء الله تعالى في بحث تطهير الثياب والبدن (ولو جمد الماء النجس فطهره باختلاط الكثير به إذا صار مايعا) لا شك في حصول الطهارة بالاختلاط بالكثير بعد الميعان لأنه ماء نجس وجميع ما مر في تطهير الماء النجس جار فيه أيضا (ولو قدر تخلله) أي تخلل الماء الكثير فيه قبل صيرورته مايعا كالثلج (أمكن الطهارة) هذا الحكم لا يخلو عن إشكال بيانه إن ما ثبت من تطهير الماء أنه إذا لاقى الموضع الذي لاقته النجاسة وصار نجسا فإنما يطهره والأعيان الجامدة التي ليست أعيانها نجسة إذا لاقته النجاسة نجسته فكلما لاقته النجاسة من أجزائه يصل إليه الماء أيضا بالضرورة فيطهره وأما الأعيان المايعة فلما كان بملاقاة النجاسة ينجس جميعها فلا بد من وصول الماء إلى جميعها ليطهرها وذلك محال لامتناع التداخل فعلى هذا إذا نجس الماء ينجس جميعه فلا بد من وصول الماء إلى جميعه حتى يطهر ولا شك أنه عند الجمود لا يصل الماء إلى جميعه لامتناع التداخل فلا يطهر فإن قلنا لو تم ما ذكرت للزم أن لا يطهر بعد ميعانه أيضا بل لا يطهر الماء النجس مطلقا قلت الاجماع دل على تطهير الماء فيتبع وما نحن فيه ليس إجماع فينبغي الحكم على مقتضى الأصول وغاية ما يمكن أن يقال أنه لما كان بعد الميعان يطهر بوصول الماء إلى أجزائه التي يمكن وصوله إليها فقبله أيضا الظاهر طهره بوصول الماء إلى تلك الأجزاء كما هو المفروض لعدم تعقل الفرق وفيه بعد تأمل لأن عدم تعقل الفرق لا يفيد في المقام مع أن وصول الماء إلى جميع تلك الأجزاء مما لا يمكن حصول العلم به اللهم إلا إذا فرض أخبار المعصوم مثلا ولا يخفى أنه على الوجه الذي ذكرنا آخرا يلزم على القول بطهارة الماء النجس بالاتصال طهر هذا باتصاله بالكثير وكأنه لم يقل به أحد اللهم إلا على رأي العلامة (ره) من إدخال الجامد تحت الماء وبالجملة الأولى أن لا يكتفي في تطهيره بتخلل الماء فيه قبل الميعان والله أعلم (وثالثها الجاري نابعا) احترز به عما إذا كان جاريا من غير نبع فإن حكمه حكم الواقف اتفاقا نعم القليل منه إذا كان منحدرا لا ينجس ما فوقه ما سيجئ واعلم أنه لا يشترط فيه الجريان بل يكفي مجرد النبع والمراد منه غير البئر بقرينة إفرادها بالذكر (ولا ينجس إلا بالتغير) لا خفاء في نجاسة الجاري بالتغير للاجماع والروايات المتقدمة في بحث القليل الدالة على نجاسة كل ماء بالتغير وأما بالملاقاة فإن كان كرا فلا خفاء أيضا في عدم نجاسته للاجماع والروايات وأما إذا لم يكن كرا فالمشهور بين الأصحاب عدم نجاسته به المحقق في المعتبر ادعى اتفاق الأصحاب عليه وتبعه العلامة (ره) في المنتهى والعلامة مع ذلك خالف الأصحاب وحكم باشتراط كريته في عدم الانفعال بالملاقاة وتبعه بعض المتأخرين منهم الشهيد الثاني (ره) في بعض كتبه والظاهر هو الأول للاجماع المنقول بخبر الواحد العدل وللأصل وعدم دليل مخرج عنه كما يظهر عند ذكر أدلة الخصم وللروايات المتقدمة في بحث القليل الدالة على طهارة كل ماء ما لم يتغير خرج عنه القليل الواقف بالدليل وبقي الجاري ولا يخلو عن بعد وبما رواه التهذيب والاستبصار في ماء البئر تقع فيه ما يغير أحد أوصافه في الصحيح عن محمد بن إسماعيل عن الرضا (عليه السلام) قال ماء البئر واسع لا يفسده شئ إلا أن يتغير ريحه أو طعمه فينزح حتى يذهب الريح ويطيب طعمه لان له مادة وجه الاستدلال أنه (عليه السلام) جعل العلة في عدم فساده بدون التغير أو في طهارته بزواله وجود المادة والعلة المنصوصة حجة كما تقرر في الأصول والمادة موجودة في الماء الجاري وأورد عليه أنه يمكن أن يكون التعليل الذهاب الريح وطيب الطعم كما يقال ألزم حتى يعطيك حقك فإنه يكره ملازمتك وألزم الحمية حتى يذهب مرضك فإن الحمية داء كل دواء وفيه بعد لان ذهاب الريح وطيب الطعم بالنزح مما لا يحتاج إلى بيان علة لأنه أمر بديهي محسوس فحمل كلامه (عليه السلام) مما يخرجه عن الفايدة ولا يليق بهم (عليهم السلام) وقد يمنع أيضا وجود المادة في الجاري مطلقا إذ المادة كما هو الظاهر لا بد أن يكون كرا مجتمعا ووجود مثلها في كل جار غيره معلوم إذ يجوز أن يكون نبع بعضها بطريق الترشح عن عروق الأرض سلمنا عدم اعتبار الاجتماع لكن وجود الكر أيضا متصلا به غير معلوم يجوز أن يحصل في بعض العيون الماء بقدر ما يخرج تدريجا في الأرض أما بانقلاب الهواء كما هو رأي الحكماء أو بإيجاد الله تعالى إياه من غير مادة أو بذوبان الثلج ونعوده في الأرض شيئا فشيئا والبعض الذي تبعد فيه هذه الاحتمالات لا ينفك عن الكثرة وبما ورد من نفي الباطن بالبول في الماء الجاري وقد تقدم في بحث كراهة البول في الماء وفيه نظر ظاهر لان نفي البأس في البول في الماء ظاهره أنه لا حرمة في هذا الفعل لأنه لا ينجس الماء حجه العلامة روايات الكر المتقدمة الدالة بمفهومها على نجاسة كل قليل بالملاقاة وفيه نظر لان مفهوم الروايات لا عموم له إذ غاية ما يدل عليه نجاسة بعض ما ليس بكر وقد سبق إن القول بتعميمه بناء على عدم القول بالفصل والقائل بالفصل ها هنا موجود قال صاحب المدارك (ره) سلمنا العموم لكن نقول عمومان تعارضان من وجه فيجب الجمع بينهما بتقييد أحدهما بالآخر والترجيح في جانب الطهارة بالأصل و الاجماع وقوه دلالة المنطوق على المفهوم انتهى والظاهر أن مراده (ره) من العمومين عموم المفهوم وعموم الروايات الدالة على أن كل ماء لا ينجس ما لم يتغير و فيه حينئذ أنه ليس بين العمومين عموم من وجه لان عموم المفهوم إن كل ماء قليل ينجس بالملاقاة وعموم الروايات إن كل ماء لا ينجس بالملاقاة وبينهما عموم
(٢٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ترجمة المصنف (قدس) 2
2 ترجمة الشارح (قدس) 3
3 كتاب الطهارة معنى الطهارة لغة 5
4 اشتراط النية في الطهارة 5
5 في وجوب الوضوء 5
6 بيان وجوب الوضوء لمس خط القرآن 11
7 وجوب غسل الجنابة للصلاة 15
8 في وجوب التيمم للصلاة 16
9 في بيان وجوب الطهارات لنفسها أو لغيرها 26
10 حكم امكان التوضؤ والغسل والتيمم قبل الوقت وعدم امكانه بعد الوقت 32
11 استحباب الوضوء للصلوات المندوبة 33
12 تنبيه في التسامح في أدلة السنن 34
13 استحباب غسل الجمعة 39
14 وقت غسل الجمعة 41
15 الأغسال المستحبة في شهر رمضان 43
16 استحباب غسل العيدين 44
17 في الأغسال المستحبة 44
18 في رافعية الغسل المندوب للحدث 47
19 في استحباب التيمم بدل الوضوء المستحب 50
20 موجبات الوضوء 51
21 موجبات الغسل 61
22 في وجوب الوضوء مع الأغسال الواجبة الا الجنابة 69
23 وجوب ستر العورة عن الناظر 70
24 حرمة استقبال القبلة واستدبارها 70
25 في المسح بالحجر 75
26 مستحبات التخلي 78
27 فيما يستحب حال التخلي 78
28 ما يستحب عند الاستنجاء 79
29 في كيفية الخرطات التسع 80
30 المكروهات في حال التخلي 81
31 في عدم اشتراط الاستنجاء في صحة الوضوء 86
32 في وجوب النية المشتملة على القربة عند الوضوء 88
33 في حكم المبطون والسلس والمستحاضة 91
34 في اشتراط قصد الإطاعة وعدمه 91
35 فيما لو نوى رفع حدث واستباحة صلاة بعينها 94
36 عدم صحة الطهارة وغيرها من العبادات من الكافر 98
37 في بطلان لو نوى لكل عضو نية تامة 98
38 حكم البالغ في الوقت 100
39 في حد غسل الوجه 100
40 غسل الاذنين ومسحهما بدعة 107
41 في حد غسل اليدين 108
42 عند افتقار الطهارة إلى معين بأجرة 112
43 في حد مسح الرأس 112
44 في كراهة مسح جميع الرأس 118
45 وجوب مسح الرجلين 118
46 في عدم جواز المسح على حائل من خف وغيره الا لتقية أو ضرورة 125
47 في اشتراط الموالاة 127
48 سنن الوضوء 131
49 فيما لو شك في عدد الغسلات السابقة بنى على الأقل 138
50 فيما لو شك في الحدث والطهارة بنى على المتيقن 141
51 في تعدد الوضوء ولا يعلم محل المتروك 145
52 في زوال العذر في الوضوء 153
53 حصول الجنابة بانزال المني 156
54 حصول الجنابة بمواراة الحشفة أو قدرها من المقطوع 160
55 حكم من لو وجد المني على ثوبه 162
56 فيما يحرم في حال الجنابة 164
57 في كيفية الغسل 168
58 في مستحبات الغسل 176
59 هل يكفى المسح كالدهن أم تجب الإفاضة 177
60 حكم ما لو أحدث في أثناء الغسل 179
61 درس: في الماء المطلق في اختلاط الماء الطاهر بالنجس وهي أربعة أقسام باعتبار اختلاف احكامها 185
62 أولا: الراكد دون الكر 185
63 ثانيا: في الماء الراكد الكثير 196
64 وثالثا: في الماء الجاري نابعا 205
65 في حكم ماء الغيث النازل كالنابع 211
66 رابعا: ماء البئر 215
67 في كيفية طهارة ماء البئر إذا وقع فيه شئ 220
68 فيما لو تغير ماء البئر 238
69 فيما لو اتصل ماء البئر بماء جارى طهرت 241
70 فيما إذا غارت البئر ثم عادت 244
71 في استحباب تباعد البئر عن البالوعة 246
72 في طهورية الماء المستعمل في الوضوء 247
73 طهارة الماء المستعمل في الاستنجاء 252
74 في حكم الماء المستعمل في إزالة النجاسات 254
75 الماء المضاف لا يرفع حدثا ولا يزيل خبثا 259
76 في طهارة الخمر بالخلية والمرق المتنجس بقليل الدم بالغليان 262
77 فيما لو اشتبه المطلق بالمضاف وفقد غيرهما تطهر بكل منهما 264
78 كراهة سؤر الجلال وآكل الجيف مع الخلو عن النجاسة 268
79 في سؤر غير مأكول اللحم 270
80 حرمة استعمال الماء النجس والمشتبه به في الطهارة 281
81 فيما إذا صلى بالمشتبه أعاد الصلاة في الوقت وخارجه 288
82 لا يشترط في التيمم عند اشتباه الانية اهراقها 292
83 حكم النجاسات وهي عشر البول والغائط 293
84 المني والدم من ذي النفس السائلة 301
85 الميتة من ذي النفس السائلة 309
86 الكلب والخنزير ولعابهما 321
87 المسكرات 326
88 تذنيب في استدلال العلامة على طهارة الخمر وجوابه 333
89 في حكم الفقاع 336