المحل لكنه حكم باستحباب غسل الباقي من العضد مستندا إلى صحيحته المتقدمة وبها استدل المصنف أيضا في الذكرى على الاستحباب وفيه نظر لاختصاص الصحيحة بالقطع من المرفق فإجراء الحكم في القطع من فوقه لا بد له من دليل والمصنف بعد نقل هذه الرواية قال وفي قوله (عليه السلام) إشارة إلى استحباب غسل العضد مع اليد كما روى العامة استحباب تطويل الغرة والتحجيل انتهى وأنت خبير بما فيه وقال الشيخ في المبسوط وإن كانت مقطوعة فوق المرفق فلا يجب عليه شئ ويستحب أن يمسح بالماء وكذا قال العلامة (ره) أيضا في التذكرة فإن كان مرادهما من المسح ظاهره فلم نطلع على مستند له وإن كان المراد الغسل فيمكن أن يستدل عليه بصحيحة رفاعة المتقدمة لشمولها بعمومها هذه الصورة وظهورها في غسل محل القطع كما سبق وكذا حسنته ولا يخفى أنه يمكن الاستدلال بهاتين الروايتين على استحباب غسل باقي العضد كما هو رأى المنتهى والذكرى بحملهما على غسل العضو المقطوع منه بل برواية محمد بن مسلم المتقدمة أيضا ولما كان أمر الاستحباب موسعا فالظاهر أنه لا يضر إمكان المناقشة في الدليل بعد ذهاب جمع من الأصحاب إليه والله سبحانه أعلم بحقايق أحكامه (ولو افتقر إلى معين بأجرة وجب من رأس ولو كان مريضا) وجوه الوجوب توقف الواجب المطلق عليه (وإن زادت عن أجرة المثل ما لم يجحف) أي ما لم يصل إلى حد الضرر واحتمل في الذكرى عدم وجوب الزايد عن أجرة المثل لان الغبن ضرر والأول أظهر لصدق التمكن وعدم دليل ظاهر على الرخصة بمثل هذا النحو من الضرر ويؤيده أيضا ما رواه التهذيب في الزيادات في باب صفة التيمم في الصحيح قال سئلت أبا الحسن (عليه السلام) عن رجل احتاج إلى الوضوء للصلاة وهو لا يقدر على الماء فوجد قدر ما يتوضأ به بمائة درهم أو بألف درهم وهو واجد لها يشتري ويتوضأ أو يتيمم قال لا بل يشتري قد أصابني مثل هذا فاشتريت وتوضأت وما يشتري بذلك مال كثير واعلم إن هذا الحكم في غير المريض ظاهر وأما فيه ففيه خفاء وسيجئ تفصيل القول فيه في كتاب الوصايا إنشاء الله تعالى (ولو تعذرت الأجرة قضى مع الامكان الظاهر أنه إذا تعذرت الأجرة للوضوء ينتقل فرضه إلى التيمم ولو تعذر ذلك أيضا يكون حكمه حكم فاقد الطهورين وسيجئ إنشاء الله تعالى في بحث التيمم (ثم مسح مقدم الرأس مسح الرأس أيضا من أحد أركان الوضوء الثابت وجوبه بالآية والاخبار والاجماع وما ذكره من كونه بمقدم الرأس يتضمن حكمين أحدهما عدم وجوب مسح جميع الرأس وثانيهما اختصاصه بالقدم فلو مسح المؤخر أو الوسط أو جانبيه لم يجز أما الأول فيدل عليه مضافا إلى الاجماع ما رواه الفقيه في الصحيح في باب التيمم قال وقال زرارة قلت لأبي جعفر (عليه السلام) ألا تخبرني من أين علمت وقلت إن المسح ببعض الرأس وبعض الرجلين فضحك وقال يا زرارة قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) ونزل به الكتاب من الله لان الله عز وجل قال فاغسلوا وجوهكم فعرفنا إن الوجه كله ينبغي أن يغسل ثم قال وأيديكم إلى المرافق فوصل اليدين إلى المرفقين بالوجه فعرفنا أنه ينبغي لهما أن يغسل إلى المرفقين ثم فصل بين الكلامين فقال وامسحوا برؤوسكم فعرفنا حين قال برؤوسكم أن المسح ببعض الرأس لمكان الباء ثم وصل الرجلين بالرأس كما وصل اليدين بالوجه فقال وأرجلكم إلى الكعبين فعرفنا حين وصلها بالرأس إن المسح على بعضها ثم فسر ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله) للناس فضيعوه وهذه الرواية في التهذيب أيضا في باب صفة الوضوء وفي الكافي في باب مسح الرأس فإن قلت قد أنكر سيبويه في سبعة عشر موضعا في كتابه مجئ الباء للتبعيض وأنكر ابن جني أيضا فكيف يتمسكون بهذا الخبر الدال على أن الباء للتبعيض لا يقال بعد ورود الرواية عن أصحاب العصمة (عليه السلام) لا مجال للالتفات إلى كلام سيبويه وابن جني لان القطع لصدوره عن المعصوم (عليه السلام) غير حاصل وإنما العمل به باعتبار الظن وعند تحقق مثل هذا المعارض يضعف الظن بصدوره عنه فلا يبقى صالحا للاحتجاج قلت إنكار سيبويه وابن جني معارض بإصرار الأصمعي على خلافه وقد وافقه أيضا جمع من النحويين كأبي علي وابن كيسان وابن مالك ونقل أيضا عن الكوفيين جميعا وحملت على التبعيض أيضا في قوله تعالى عينا يشرب بها عباد الله وفي قول الشاعر شربن بماء البحر ثم ترفعت وإنكار سيبويه ونفيه له كأنه من أصحاب البصريين كما صرح به ابن جني ويمكن أن يقال أيضا إن الإمام (عليه السلام) ما حكم بأن معنى الباء التبعيض بل أن تغيير الأسلوب وإدخال الباء ها هنا يدل على أن المراد المسح ببعض الرأس ويدل عليه أيضا بعض الروايات الموردة في المباحث الآتية وأما الثاني فيدل عليه أيضا مضافا إلى الاجماع ما رواه التهذيب في باب المذكور في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال مسح الرأس على مقدمه وروى عنه أيضا في هذا الباب بطريق آخر صحيح قال قال أبو عبد الله (عليه السلام) امسح الرأس على مقدمه وروى الكافي أيضا في باب مسح الرأس عنه بطريق حسن بإبراهيم في آخر حديث قال وذكر المسح فقال امسح على مقدم رأسك وامسح على القدمين وابتدء بالشق الأيمن والضمير في قال الأول لمحمد بن مسلم والثاني لأبي عبد الله (عليه السلام) وما رواه الكافي أيضا في باب صفة الوضوء في الحسن أو الصحيح عن زرارة في آخر حديث القعب المتقدم قال وقال أبو جعفر (عليه السلام) إن الله وتر ويحب الوتر فقد يجزيك من الوضوء ثلاث غرفات واحدة للوجه واثنتان للذراعين وتمسح ببلة يمناك ناصيتك وما بقي من بلة يمينك ظهر قدمك اليمنى وتمسح ببلة يسارك ظهر قدمك اليسرى وهذه الرواية في زيادات التهذيب أيضا بسنده الحسن ويؤيده أيضا ما ورد في الوضوء البياني من المسح بمقدم الرأس كما تقدم فأما ما رواه الشيخ في التهذيب في الباب المذكور عن الحسين بن عبد الله قال سئلت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يمسح رأسه من خلفه وعليه عمامة بإصبعه أيجزيه ذلك فقال نعم فلا يعارض ما ذكرناه لعدم صحة سنده مع موافقته لمذهب بعض العامة فيحمل على التقية كما في التهذيب واحتمل الشيخ أن يكون المراد أن يدخل إصبعه من خلف ومع ذلك يمسح مقدم الرأس وفيه بعد وأما الروايات الدالة على مسح مقدم الرأس و مؤخره مثل ما رواه التهذيب في الباب المذكور في الحسن عن الحسين بن أبي العلاء قال قال أبو عبد الله (عليه السلام) امسح الرأس على مقدمة ومؤخره وما رواه أيضا في الباب المذكور
(١١٢)