لم يعملوا بها لما ظهر آنفا فإن قلت بصحيحة ابن بزيع المذكورة إنما يختص ظاهرا بالقليل من البول فلا يتم الاستدلال على وجوب الثلاث للكثير من بول الرضيع لجواز أن يجب أزيد منها قلت هذا إنما يكون منفيا بالاجماع (وللعصفور دلو) هذا هو المشهور بين الأصحاب ولا يعرف خلاف فيه إلا أن الصدوق (ره) قال في الفقيه و أكبر ما يقع في البئر الانسان فيموت فيها فينزح منها سبعون دلوا وأصغر ما يقع في البئر الصعوة فينزح منها دلو واحد وفيما بين الانسان والصعوة على قدر ما يقع فيها وكذا قال أبوه (ره) في الرسالة وهو بظاهره يخالف المشهور إذ الصعوة ليس مطلق العصفور بل عصفور صغير كما نص عليه في القاموس لكن الظاهر أن مرادهما منها مطلق العصفور أما بإطلاق الخاص على العام أو بأنه لم يثبت الأخصية بل يكونان مترادفين ومستند المشهور وموثقة عمار المتقدمة في بحث موت الانسان وهي وإن كانت غير صحيحة لكن عمل الأصحاب بها والشهرة العظيمة فيما بينهم مما يرجحها وقد يعارض بصحيحة الحلبي المتقدمة في بحث وقوع الخمر حيث أمر فيها بنزح الدلاء لسقوط الشئ الصغير وأقلها ثلاثة لكنها ضعيفة لان موثقة عمار مع اعتضادها بعمل الأصحاب وعدم راد لها ظاهرا مما يصلح لتخصيص الصحيحة قطعا مع أن الأوامر الواردة في أحاديثنا ليست بظاهرة في الوجوب سيما في هذا الباب لما علمت من كثرة الاختلاف فيها المشعر بالاستحباب على أن المحقق حكى الصحيحة بلفظ حيوان صغير وشمول الحيوان للطير عرفا ممنوع وقس عليه الحال في معارضتها بالروايات الواردة في الطير مطلقا هذا ثم اعلم إن بعض الأصحاب فسر العصفور بما دون الحمامة قيل وهو الظاهر من تفسيرهم الطير بالحمامة ونحوها فما فوقها مضافا إلى عدم القول بالواسطة بين نزح الدلو والسبع ولا يخلو من تأمل وفيه أن بعض هذا التفسير إن كان للمعنى الموضوع له فلا شاهد عليه من حيث اللغة والعرف إذ ذكر بعضهم إنه نوع من الطير وذكر جماعة أنه الأهلي الذي يسكن الدور وإن كان للمراد ها هنا من حيث الحكم باعتبار التعدي منه إلى شبهه أيضا كما قال أكثرهم للعصفور وشبهه فلا دليل عليه من حيث الشرع إذ النص مخصوص بالعصفور والتعدي منه إلى شبهه في القدر والجثة لا بد له من دليل والشهرة بمجردها من غير نص لا يكفي في الحكم وأيضا لو كفت المشابهة في الجثة لكان ينبغي أن يكون الحكم كذلك في صغير كل طاير ما دام بقدر جثة العصفور ولم يقل به أحد منهم سوى الشيخ نظام الدين الصهرشتي شارح النهاية على ما حكى عنه واعترض عليه المحقق (ره) بقوله ونحن نطالبه بدليل التخطي إلى المشابهة ولو وجده في كتب الشيخ أو كتب المفيد لم يكن حجة ما لم يوجد الدليل انتهى اللهم إلا أن يفرق بينهما بأن التعدي إلى ما يشبه نوعه في الجثة أظهر من أن يشبه شخصه فحينئذ الظاهر بحسب النظر لو لم يكن إجماع إن ما ثبت عليه إطلاق العصفور يكون حكمه كذلك وما ثبت عدم إطلاقه عليه وإن كان شبهه في الجثة يحكم باخراجه عنه واندراجه في الطاير أو الشئ الصغير وقد ورد في كل منهما نزح الدلاء وقد ورد أيضا في الطير كما سبق تحديدها بالسبع والخمس فإن قلنا بتقييد الدلاء بأحدهما فيحكم فيه أيضا به وإن لم نقل بالتقييد فيكتفي فيه بثلاثة دلاء التي هي أقل ما يطلق عليه الدلاء إلا أن يقال إن شهرة وجوب دلو واحد للعصفور وشبهه مما يورث شكا في التكليف بالدلاء فيؤخذ بالقدر المتيقن وأما ما يشك في إطلاق العصفور عليه فالاكتفاء فيه بدلو واحد لا يخلو من قوة كما لا يخفى وجهه واعلم إن الراوندي (ره) حكم بخروج الخفاش عن شبه العصفور معللا بأنه نجس واعترضه المحقق في النجاسة فإنه لا دليل عليها لو علل بأنه مسخ فمنع مسخه ثم نجاسة المسخ ولا يذهب عليك أنه على تقدير تسليم نجاسته تصير المسألة حينئذ نظيرة مسألة موت الكافر فقس عليها (فإن تغيرت البئر نزحت أي جميع مائها فإن غلب الماء اعتبر أكثر الامرين من زوال التغير والمقدر وقيل بالتراوح مع الأغلبية) إذا تغير ماء البئر بالنجاسة فلا يخلو أما أن يقال بعد انفعاله بالملاقاة واستحباب النزح للمقدرات المتقدمة أولا فإن قيل به فالظاهر حينئذ وجوب النزح حتى يزول التغير وكأنه اتفاق من القائلين به وإن لم يقل به فإن قيل بالانفعال فحينئذ في المسألة أقوال الأول نزح الجميع فإن تعذر فالتراوح ذهب إليه الصدوقان ويحكى عن المرتضى وتبعهم سلار الثاني النزح حتى يزول التغير وهو مختار أبي الصلاح والمصنف في البيان ونسبه بعض إلى المفيد وهو الظاهر من عبارته في المقنعة ولا يخفى أن هذا القول لا يخلو من إجمال إذ يحتمل أن يكون مرادهم الاكتفاء بزوال التغير مطلقا أو فيما لا يكون له مقدر ويكون الحكم فيما له مقدر إزالة التغير ثم استيفاء المقدر أو فيما لا يكون له مقدر وما يكون له مقتدر أيضا لكن يستوفي مقدره بإزالة التغير وعلى الأولين قول على حدة وعلى الأخير يرجع إلى القول الثامن الثالث نزح الجميع فإن تعذر فإلى أن يزول التغير وهو مختار الشيخ في المبسوط ونسبه المحقق إلى المفيد أيضا وفي هذا القول أيضا الاجمال السابق في صورة التعذر وفيه ثلاث احتمالات ويكون على احتمال قولا على حده وعلى احتمال يرجع إلى ما يحتمله كلام المعتبر كما سنذكره وعلى احتمال يرجع إلى القول السادس الرابع نزح الأكثر مما يحصل به زوال التغير واستيفاء المقدر وهو قول ابن زهرة واختاره المصنف في الذكرى الخامس نزح أكثر الامرين من المقدر ومزيل التغير إن كان للنجاسة المغيرة مقدر وإلا فالجميع فإن تعذر فالتراوح ذهب ابن إدريس إليه ووافقه المحقق الشيخ علي (ره) على القول بالانفعال واختاره الشهيد الثاني أيضا السادس نزح الجميع فإن غلب الماء اعتبر أكثر الامرين من زوال التغير والمقدر وهو مختار هذا الكتاب وظاهر المعتبر ويحتمل كلام المعتبر أن يكون مراده في صورة تعذر الجميع وجوب نزح ما يزيل التغير ثم استيفاء المقدر وهذا القول أيضا غير صريح فيما إذا تعذر نزح الجميع ولم يكن له مقدر لكن الظاهر الاكتفاء بزوال التغير السابع نزح ما يزيل التغير أولا ثم المقدر بعده إن كان لتلك النجاسة مقدر وإلا فالجميع فإن تعذر فالنزوح
(٢٣٨)