ينهه ويكون هو عليه السلام مأزورا والله أعلم ثم أنه يجوز تولية الغير مع الاضطرار للاجماع كما ذكره العلامة في المنتهى والمحقق في المعتبر واستدل عليه المصنف في الذكرى و تبعه الشهيد الثاني (ره) في شرح الارشاد بأن المجاز إنما يصار إليه عند تعذر الحقيقة وفيه نظر لان مرادهما من الصيرورة إلى المجاز أما إن الأوامر العامة الواردة بالوضوء مثل قوله تعالى فاغسلوا الآية إنما يحمل بالنسبة إلى المختار على الغسل بنفسه الذي هو الحقيقة وبالنسبة إلى المضطر على الغسل بتولية الغير الذي هو المجاز لامتناع الحمل على الحقيقة بالنسبة إليه ففيه أنه لو لم يصر إلى تخصيص المضطر من العموم بدلالة العقل من حيث امتناع التكليف بما لا يطاق ويصار إلى عموم المجاز الذي هو المرجوح أو الممتنع وأما إن تلك الأوامر إنما يختص بالمختارين ويكون المضطرون مكلفون بتكليف آخر بالغسل المجازي ففيه مع بعده من العبارة أنه حينئذ ما الدليل على ثبوت تكليف آخر بالغسل المجازي لان التكاليف المعلومة إنما هي بهذه العمومات المختصة بالمختارين على هذا التقدير فإن تمسكتم بالاجماع أو دليل آخر على ثبوت ذلك التكليف فليعول عليه ابتداء واستدل في المعتبر أيضا بأنه توصل إلى الطهارة بالقدر الممكن وفيه أيضا نظر كما لا يخفى (درس سنن الوضوء وضع الاناء على اليمين والاغتراف بها) المراد بالاناء الذي يغترف منه باليد لا يصب ما منه كالإبريق أما استحباب وضعه الاناء على اليمين فذكر المحقق أنه مذهب الأصحاب واستدل عليه بأنه أمكن في الاستعمال وهو نوع من تدبير وبما روى عن النبي صلى الله عليه وآله إن الله يحب التيامن في كل شئ وبما روي عن عايشة أن النبي (صلى الله عليه وآله) كان يحب التيامن في تنعله وترجله وطهوره وفي شأنه كله وأما ما ورد في حديث القعب المتقدم من أنه (عليه السلام) وضعه بين يديه فيمكن أن يقال أنه لا ينافي ما ذكر لان الوضع على اليمين أيضا يطلق عليه هذا المعنى كثيرا ولن كان على سبيل المسامحة ولا يذهب عليك أنه لو لم يكن الشهرة بين الأصحاب لكان الأولى الحكم باستحباب الوضع بين يديه لظهوره دلالة الرواية وعدم تمامية الأدلة المذكورة لا على استحباب الوضع على اليمنى كما لا يخفى وأما الاغتراف باليمين فهو أيضا مثل سابقه في ذهاب الأصحاب إليه وجريان الدليل المذكورة مع ما ورد في الروايات المتضمنة لورودهم عليهم السلام من الاغتراف بها ويدل عليه أيضا في حكاية الثقفي والأنصاري المنقولة في باب نوادر الكافي قبل أبواب الحيض وفي باب فضائل الحج في الفقيه لكن لا يذهب عليك إن استحباب الاغتراف باليمين لغسل الوجه وغسل اليد اليسرى مما لا خفاء فيه وأما استحبابه لغسل نفسها كما ذكره الأصحاب من أنه يغترف بها ويدير على اليسرى ففيه خفاء لان جميع الروايات الواردة في هذا الباب التي في الكتب الأربع على حسب ما وجدناه إنما يتضمن الاغتراف باليسرى لغسل اليمنى سوى حديث الطست المنقول عن زرارة وبكير على النحو الذي في التهذيب فإن فيه الاغتراف باليمنى لغسل نفسها وأما على النحو الذي في الكافي فهو أيضا متضمن للاغتراف باليسرى والذي رواه في باب صفة الوضوء في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) قال يأخذ أحدكم الراحة من الدهن فيملأ بها حده (جسده) والماء أوسع إلا أحكى لكم وضوء رسول الله (صلى الله عليه وآله) قلت بلى قال فأدخل يده في الاناء ولم يغسل يده فأخذ كفا من ماء فصبه على وجهه ثم مسح جانبيه حتى مسحه كله ثم أخذ كفا آخر بيمينه فصبه على يساره ثم غسل به ذراعه الأيمن ثم أخذ كفا آخر فغسل به ذراعه الأيسر ثم مسح رأسه ورجليه بما بقي في يديه فحينئذ الحكم باستحباب الاغتراف باليمنى مطلقا مشكل لان الروايات الدالة على الاغتراف باليسرى لغسل اليمنى أكثر من الدال على خلافه لأنها أربع وهي اثنتان سيما إن رواية الطست قد وقعت في الكافي على خلاف التهذيب وبهذا يتطرق ظن الغلط إليه لأنه أثبت من التهذيب والرواية الأخرى فيها محمد بن عيسى عن يونس وفيه أيضا خدشة فالأولى الحكم باستحباب الاغتراف باليسرى لغسل اليمنى أو بالتساوي بينهما قال الشهيد الثاني (ره) في شرح الارشاد وفي حديث عن الباقر (عليه السلام) إنه أخذ باليسرى فغسل اليمنى وهو لبيان الجواز انتهى وهو كما ترى والله أعلم (والتسمية) استحباب التسمية عند الوضوء إجماع منا وقال الظاهرية بالوجوب والذي يدل على عدم الوجوب مضافا إلى الاجماع ما رواه التهذيب في الزيادات في باب صفة الوضوء في الصحيح عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال إذا سميت في الوضوء طهر جسدك كله وإذا لم تسم لم يطهر جسدك إلا ما مر عليه الماء وما رواه أيضا في هذا الباب عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) بهذا المضمون وقال الفقيه أيضا في باب حد الوضوء وروى إن من توضأ فذكر اسم الله طهر جميع جسده وكان الوضوء إلى الوضوء كفارة لما بينهما من الذنوب ومن لم يسم لم يطهر من جسده إلا ما أصابه الماء ويؤيده أيضا بعض ما ورد في صفة الوضوء وليس فيه ذكر التسمية كما تقدم في الأبواب السابقة وكذا ما رواه في الباب المذكور أيضا في الصحيح عن عيص بن القاسم عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال من ذكر اسم الله تعالى على وضوئه فكأنما اغتسل وهذه الرواية في الفقيه أيضا مرسلة في الباب المذكور وأما ما رواه أيضا في هذا الباب عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال إن رجلا توضأ وصلى فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله) أعد وضوءك وصلواتك ففعل وتوضأ وصلى فقال النبي (صلى الله عليه وآله) أعد وضوئك وصلاتك ففعل وتوضأ وصلى فقال النبي (صلى الله عليه وآله) أعد وضوءك وصلاتك فأتى أمير المؤمنين (عليه السلام) فشكا ذلك إليه فقال هل سميت حين توضأت قال لا قال فسم على وضوئك فسمى وتوضأ وصلى وأتى النبي (صلى الله عليه وآله) فلم يأمره أن يعيد فينافي ما ذكرناه لعدم ظهوره في الوجوب فليحمل على الاستحباب مع أنه مرسل وحمل الشيخ التسمية على النية وفيه بعد والذي يدل على استحباب التسمية مضافا إلى الاجماع والروايات المنقولة آنفا ما رواه أيضا في باب صفة الوضوء في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال إذا وضعت يدك في الماء فقل بسم الله وبالله اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين فإذا فرغت فقل الحمد لله رب العالمين وما رواه الفقيه في باب صفة وضوء أمير المؤمنين (عليه السلام) قال وكان أمير المؤمنين (عليه السلام) إذا توضأ قال بسم الله وبالله وخير الأسماء لله وأكبر الأسماء لله وقاهر لمن في السماء وقاهر لمن في الأرض الحمد لله الذي جعل من الماء كل شئ حي وأحيى قلبي بالايمان اللهم تب علي وطهرني واقض لي بالحسنى وأرني كل الذي أحب وافتح لي بالخيرات من عندك يا سميع الدعاء وأما صفة التسمية فيستفاد
(١٣١)