منه مما كلف به ويمكن أن يقال أنه لو أراد بأنه مكلف بفعل الصلاة كملا بطهارة أنه مكلف بأن يكون جميع أفعال صلاته مقرونا بالطهارة فمسلم لكن في صورة التطهير و البناء أيضا هذا المعنى متحقق وإن أراد به أنه مكلف بفعل الصلاة مقرونا بطهارة سابقة عليها مستمرة إلى آخرها فممنوع إذ لا دليل عاما يدل على هذا ولو فرض وجود عام أيضا فنقول هذه الروايات المتقدمة إن سلم عدم ظهورها في التخصيص بناء على إمكان حملها على ما ذكر فلا أقل من احتمالها للتخصيص وحينئذ يحصل الشك في العام وقد عرفت مرارا أن الاتيان بالافراد المشكوكة لا دليل على وجوبه ويحتج أيضا بالروايات الدالة على أن الحدث يقطع الصلاة كما سيأتي إن شاء الله تعالى في كتاب الصلاة واعترض عليه الشهيد الثاني (ره) في شرح الارشاد بقوله وهو ضعيف لان عام تلك الأخبار أو مطلقها مختص أو مقيد إجماعا بالمستحاضة والسلس فلا وجه لاخراج هذا الفرد مع النص عليه بالتعيين انتهى ولا يخفى ما فيه لان كونها مخصصة أو مقيدة بالمستحاضة والسلس لا دخل له في هذا الحكم إذ الكلام في المبطون اللهم إلا أن يكون بناء كلامه على ما ذهب إليه بعض الأصوليين إن العام المخصص لا يبقى حجة في الباقي لكن يأباه قوله فلا وجه إلى آخره كما لا يخفى وما ذكره من النص على هذا الفرد قد عرفت حاله واعلم أن الشهيد الثاني (ره) أورد المعارضة بهذه الأخبار الدالة على أن الحدث يقطع الصلاة للاخبار السابقة في المقام الأول كما هو ظاهر لكن لما لم يظهر قول بوجوب الاستيناف في المقام الأول فلذا لم نذكرها هناك وأوردنا هاهنا وإذ قد عرفت هذا فالظاهر بحسب الدليل المذهب المشهور والاحتياط أن يتوضأ ويبني ثم يستأنف صلاة أخرى (بخلاف السلس إلا أن يكون له فترات فيساوي المبطون) اعلم أن السلس أيضا تجري فيه الاحتمالات المذكورة في المبطون وبعض الاحتمالات الذي ذكرنا وقوع الاجماع فيه ظاهرا في المبطون يكون ظهور الاجماع فيه في السلس بطريق الأولى وأما الاحتمالان اللذان ذكرنا إمكان تحقق الخلاف فيهما في المبطون فكذا هاهنا أيضا لان ابن إدريس صرح بالمساواة بينهما وذكر أن صاحب السلس أيضا عند تراخي زمان الحدث يتطهر ويبني ولا يخفى أن تراخي زمان الحدث يحتمل وجهين أحدهما التراخي بقدر الطهارة والصلاة والثاني عدم الاتصال دائما بحيث لا يمكن الطهارة له أو بحيث يتعسر ويفضي إلى الحرج ويفهم من ظاهر كلام المبسوط والنهاية أيضا إنه يتطهر ويبني كالمبطون فكما يمكن أن يكون حكمه بالتطهير والبناء في المبطون محمولا على الوجهين فكذا في السلس والعلامة في التذكرة ذهب إلى أن صاحب السلس عند عدم إمكان التحفظ بقدر الطهارة والصلاة يستمر في الصلاة بدون تطهير وعند الامكان يتطهر ويستأنف فظهر من ذلك إمكان تحقق الخلاف في الموضعين فلنتكلم فيهما أما في الموضع الأول أي عندي عدم إمكان التحفظ بقدر الطهارة والصلاة فيكون مذهب الشيخ وابن إدريس وجوب التطهر والبناء ومذهب العلامة في التذكرة وجوب الاستمرار ولا يخفى أنه لا يمكن استدلال يتجه ظاهرا بالروايات المذكورة في هذا الباب على أحد من الجانبين سوى رواية أبي سعيد القماط المتقدمة فإنها مما يمكن أن يستدل به على مذهب الشيخ وابن إدريس لكنها ضعيفة لا تصلح للتعويل ومع ذلك يمكن حملها على صوره إمكان التحفظ والدليل الخلفي الذي نقلنا من المختلف يمكن إجرائه هاهنا أيضا على ما ذهب إليه العلامة والجواب أيضا لكن لما كان الأصل معه فالظاهر ما اختاره لكن الاحتياط أن يصلي صلاتين إحديهما مع التطهر والبناء والأخرى مستمرا مع الحدث وأما في الموضع الثاني أي عند إمكان التحفظ فيكون مذهبهما وجوب التطهر والبناء أيضا ومذهب العلامة وجوب الاستيناف ويحتمل هاهنا وجها آخر أيضا وهو وجوب الاستمرار بدون تطهر وهو الظاهر من كلام بعضهم ولا يذهب عليك أيضا إن الاستدلال بالروايات مما لا يتجه على أحد من المذاهب أصلا سوى الرواية المذكورة على المذكورة على المذهب الأول والجواب ما عرفت ويمكن أيضا الاستدلال بالدليل المذكور على المذهب الثاني والجواب الجواب أيضا وأما المذهب الثالث لو كان فمتمسكه الأصل بلا معارض فله الدست لكن الاحتياط أن يتطهر ويبني ثم يستأنف صلاة أخرى قال المصنف في الذكرى هل ينسحب مضمون الرواية في السلس يمكن ذلك لاستوائهما في الموجب وإشارة الروايات إلى البناء بالحدث مطلقا والوجه العدم لان أحاديث التحفظ بالكيس والقطن مشعرة باستمرار الحدث وأنه لا مبالاة به والظاهر أنه لو كان في السلس فترات وفي البطن تواتر أمكن نقل حكم كل منهما إلى الاخر انتهى ولا يخفى ما في القول بالاستواء في الموجب لأنه مجرد قياس والروايات قد عرفت حالها وما ذكر من إشعار التحفظ بالكيس والقطن ففيه أيضا أنه إما أن يجري في المقام الثاني أو الأول فإن كان في الثاني فنحمله على عدم إمكان التحفظ بقدر الطهارة والصلاة سواء كان متواترا أو لا وإن كان في الأول فنحمله على التواتر ولا بعد في شئ مما ذكر أصلا وما ذكره من الظاهر فيظهر حاله مما ذكر فتأمل في المقام لتحيط بجميع الاحتمالات والشقوق بعون الله وتوفيقه إنه خير موفق ومعين درس (الجنابة تحصل للرجل والمرأة بإنزال المني مطلقا) لا خلاف بين المسلمين ظاهرا في أن إنزال المني سبب للجنابة الموجبة للغسل بالاجماع أيضا سواء كان في النوم أو اليقظة وسواء كان للرجل أو المرأة إلا أنه اشترط بعض الجمهور مقارن الشهوة والدفق كما سيجئ ويدل عليه أيضا روايات كثيرة كادت أن تبلغ حد التواتر ولنذكر طرفا منها فمنها ما رواه التهذيب في باب حكم الجنابة في الصحيح عن عبد الله بن سنان قال سئلت أبا عبد الله عن المرأة ترى أن الرجل يجامعها في المنام في فرجها حتى تنزل قال تغتسل وهذه الرواية في الكافي أيضا في باب احتلام الرجل والمرأة ومنها ما رواه أيضا في هذا الباب في الصحيح عن أديم بن الحر قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل عليها غسل قال نعم ولا تحدثونهن فتتخذنه علة وهذا المضمون في الكافي أيضا في الباب المذكور مرسلا ومنها ما رواه المصنف في هذا الباب في الصحيح عن إسماعيل بن سعد الأشعري قال سئلت الرضا (عليه السلام) عن الرجل يلمس فرج جاريته حتى نزل الماء من غير أن يباشر يعبث بها بيده حتى تنزل قال إذا
(١٥٦)