للأصل والاستصحاب والروايات المتقدمة الدالة على المبالاة بالبلل قبل الاستبراء إنما هي مختصة بالرجل ظاهرا لكن الاحتياط في الالتفات والله أعلم بحقايق أحكامه وأما المجنب بالجماع بدون الانزال فلا خفاء في عدم وجوب الاستبراء عليه وأما الاستحباب فقد قطع المصنف في الذكرى بعدمه لعدم سببه ثم قال هذا مع تيقن عدم الانزال ولو جوزه أمكن استحباب الاستبراء أخذا بالاحتياط انتهى ولا بأس به لا يبعد القول به مع التيقن أيضا احتياطا لرواية أحمد بن هلال ولو وجد هذا المجنب بللا فإن علم أنه مني أو غيره فلا خفاء وإن اشتبه فإن كان بعد البول فلا إشكال أيضا وإن كان قبله ففيه إشكال من حيث إطلاق الروايات المتقدمة ومن حيث انصرافها إلى المتعارف مع إشعار قوله (عليه السلام) في آخر رواية محمد المتقدمة لان البول لم يدع شيئا به والظاهر عدم الوجوب للأصل والاستصحاب وعدم الظن بعموم الروايات وشمولها لما نحن فيه مع ما عرفت من إمكان المناقشة في ظهورها في الوجوب وأيضا الأصحاب ما عملوا بها في هذه الصورة لكن الاحتياط أيضا في الإعادة بل مع ضم الوضوء حال عدم البول (ويستحب غسل اليدين ثلاثا) هذا الحكم إجماع منا كما في المعتبر ويتعلق به أيضا روايات قد تقدم طرف منها في بحث جواز تقديم نيه الوضوء عند غسل اليدين وطرف منها في بحث ترتيب الغسل وطرف في غيرهما من المباحث والعلامة صرح بالاستحباب مطلقا وإن كان مرتمسا أو تحت المطر أو مغتسلا من إناء يصبه عليه من غير إدخال لليد ويحتج عليه بإطلاق صحيحة محمد بن مسلم المتقدمة في بحث الترتيب وصحيحة زرارة المذكورة في بحث الارتماس ولا بأس به وإن كان للمناقشة مجال ثم إن الجعفي قال باستحباب الغسل إلى المرفقين أو إلى نصفهما ويحتج عليه بصحيحة أحمد بن محمد وموثقة سماعة المتقدمتين في بحث الترتيب وبصحيحة يعقوب بن يقطين المتقدمة في بحث عدم وجوب الوضوء في غسل الجنابة وقد ورد أيضا بعض الروايات بغسل الكفين وقد تقدم أيضا في هذا البحث والظاهر أن الجميع مستحب و إن كان الفضل في الغسل إلى المرفقين (والمضمضة والاستنشاق) لا خلاف عندنا في عدم وجوبهما ويدل عليه أيضا روايات منها ما رواه التهذيب في باب حكم الجنابة عن أبي يحيى الواسطي عن بعض أصحابه قال قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) الجنب يتمضمض قال لا إنما يجنب الظاهر وما رواه أيضا في هذا الباب عن عبد الله بن سنان قال قال أبو عبد الله (عليه السلام) لا يجنب الانف والفم لأنهما سائلان وأما استحبابها فهو المعروف بين الأصحاب بل الظاهر أنه إجماع منا وخلاف ابن عقيل كأنه في الوضوء فقط ويدل عليه أيضا صحيحة زرارة المتقدمة في بحث الارتماس ورواية أبي بصير المذكورة في بحث الترتيب وأما ما رواه التهذيب في الباب المذكور في الصحيح عن الحسن بن راشد قال قال الفقيه العسكري (عليه السلام) ليس في الغسل ولا في الوضوء مضمضة ولا استنشاق فمحمول على أنهما ليسا من فرايض الغسل والوضوء جمعا بين الاخبار وكذا الحال في الروايتين المنقولتين آنفا (وإمرار اليد على الجسد) استحباب الامرار اختيار فقهاء أهل البيت (عليه السلام) ونسب القول بالوجوب إلى بعض العامة ويدل أيضا على عدم الوجوب مطلقا مضافا إلى الاجماع الأصل وإطلاق الأوامر الواردة بالغسل ورواية إسماعيل بن أبي زياد المتقدمة في بحث تحليل ما يمنع وصول الماء ويؤيده صحيحة إبراهيم بن محمد المذكورة في هذا البحث وفي خصوص الارتماس صحيحة زرارة المذكورة في بحث الارتماس وأما الاستحباب فللاستظهار و الاحتياط وللشهرة بل الاجماع أيضا ظاهرا هذا إذا وصل الماء بدون الامرار وأما مع عدم الوصول بدونه فإنما يجب من باب المقدمة (وتخليل ما يصل إليه الماء) بدون التخليل كالشعر الخفيف ومعاطف الاذان والإبطين وعكن البطن في السمين وما تحت ثدي المرأة للاستظهار والاحتياط وأما صحيحة إبراهيم بن أبي محمود ورواية إسماعيل بن أبي زياد المتقدمتان في بحث التخليل فلا ينافيان ما ذكر لان غاية ما يدلان عليه صحة الغسل بدون التخليل وأما عدم استحبابه فلا سيما الصحيحة المذكورة وكذا الحال في توهم منافاتهما لاستحباب الامرار على الجسد (والدعاء) يدل عليه ما رواه التهذيب في زيادات باب الأغسال في الموثق عن عمار الساباطي قال قال أبو عبد الله (عليه السلام) إذا اغتسلت من الجنابة فقل اللهم طهر قلبي وتقبل سعيي واجعل ما عندك خيرا لي اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين وإذا اغتسلت للجمعة فقل اللهم طهر قلبي من كل آفة تمحق ديني ويبطل به عملي اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين وروى أيضا في باب حكم الجنابة عن محمد بن مروان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال تقول في غسل الجمعة اللهم طهر قلبي من كل آفة تمحق ديني وتبطل عملي وتقول في غسل الجنابة اللهم طهر قلبي وزك عملي واجعل ما عندك خيرا لي قال وفي حديث آخر اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين وروى الكافي في باب صفة الغسل عن علي بن الحكم عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (عليه السلام) مثل الحديث الأول زيادة وتقبل سعيي قبل واجعل وفي المصباح تقول عند الغسل اللهم طهرني وطهر قلبي واشرح لي صدري وأجر على لساني مدحتك والثناء عليك اللهم اجعله لي طهورا وشفاء ونورا إنك على كل شئ قدير قال المفيد (ره) في المقنعة ويسمى الله تعالى عند اغتساله ويمجده ويسبحه فإذا فرغ من غسله فليقل اللهم طهر قلبي إلى آخره والشيخ أورد في بيانه الحديث المنقول عن محمد ولا يخفى عدم دلالته على ما ذكر بل الظاهر استحباب هذا الدعاء عند الاشتغال بالغسل ولعله استفادة من حديث آخر (والولاء) عدم وجوب الموالاة هاهنا بكل من المعنيين المذكورين في الوضوء هو المعروف بين الأصحاب وقد صرح به جماعة منهم الشيخان وسلار وابن البراج وأبو الصلاح وابن زهرة والكيدري وابن إدريس وصاحب الجامع والعلامة وحكى الصدوق عن أبيه وكأنه إجماع منهم بعدم نقل خلاف فيه وعبارة التهذيب أيضا مشعرة به قال وعندنا أن الموالاة لا يجب في الغسل وإنما يجب في الوضوء وكذا عبارة المنتهى ويدل عليه أيضا الأصل وإطلاق الأوامر الواردة بالغسل وصحيحة
(١٧٦)