بالفصل وروايات طهارة الماء ما لم يعلم أنه قذر لا يمكن إجرائها حينئذ لوجود العلم بالقذارة بالدليل الذي ذكر فظهر أن القوة للنجاسة إلا أن يتمسك بحديث الشك في التكليف أو يقال أن المتبادر منها وجوب الاجتناب عنه ما دام متغيرا والله أعلم وأما الوجه الاخر فيدفع أيضا بمنع نجاسة غسالة الحمام وسيجئ القول فيه إن شاء الله تعالى والامر الاحتياط واضح وأما القول بالتفصيل فلم نقف له على مستند ظاهر (وثانيها الواقف الكثير وهو ما بلغ ألفا ومأتي رطل أو ثلاثة أشبار ونصفا في أبعادها الثلاثة أو ساواها في بلوغ مضروبها) اعلم أن للأصحاب في تحديد الكر طريقين أحدهما الوزن والثاني المساحة أما الوزن فالظاهر اتفاقهم كما يفهم من ظاهر المعتبر والمنتهى على أنه ألف ومائتا رطل لكن اختلفوا في تعيين الرطل هو عراقي أو مدني والرطل العراقي مائة وثلاثون درهما والمدني مائة وخمسة وتسعون درهما فالشيخ في النهاية والمبسوط والمفيد في المقنعة على أنه عراقي والمرتضى في المصباح والصدوق في الفقيه على أنه مدني فلنذكر أولا ما يدل على الحكم الأول ثم لنشتغل ببيان أدلة طرفي الخلاف فالذي يدل عليه ما رواه التهذيب في باب آداب الاحداث والاستبصار في باب كمية الكر في الصحيح عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال الكر من الماء الذي لا ينجسه شئ ألف ومأتا رطل ورواه الكافي أيضا في باب الماء الذي لا ينجسه شئ بدون الذي لا ينجسه شئ والروايات وإن كانت مرسلة لكن قبول الأصحاب مراسيل ابن أبي عمير عموما وهذه الرواية خصوصا مما يجبر إرسالها وأما ما رواه التهذيب في زيادات باب المياه والاستبصار في الباب المذكور في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال قلت له الغدير فيه ماء يجتمع يبول فيه الدواب ويلغ فيه الكلاب و يغتسل فيه الجنب قال إذا كان قدر كر لم ينجسه شئ والكر ستمائة رطل وما رواه أيضا في باب آداب الاحداث عن عبد الله يعني ابن المغيرة يرفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام) أن الكر ستمائة رطل فسيجئ وجه الجمع بينهما وبين ما سبق في طي أدلة الفريقين وأما ما رواه التهذيب في هذا الباب والاستبصار في باب مقدار الماء الذي لا ينجسه شئ والكافي في الباب المتقدم في الحسن عن زرارة قال إذا كان الماء أكثر من راوية لم ينجسه شئ تفسخ فيه أو لم يتفسخ فيه إلا أن يجئ له ريح يغلب على ريح الماء فمحمول على أن الأكثر من راوية لا يمتنع أن يكون بقدر الأرطال المذكورة وكذا ما رواه في الأبواب المذكورة في الحسن عن عبد الله بن المغيرة عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال الكر من الماء نحو حبي هذا وأشار إلى حب من تلك الحباب التي تكون بالمدينة محمول على أن الحب يمكن أن يسع المقدار المذكور وما رواه التهذيب في زيادات باب المياه والاستبصار في الباب المذكور عن عبد الله بن المغيرة عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال إذا كان الماء قدر قلتين لم ينجسه شئ والقلتان جرتان ورواه الفقيه أيضا مرسلا عن الصادق (عليه السلام) في باب المياه فأول ما فيه أنه مرسل ويحتمل أيضا أن يكون ورد مورد التقية لأنه موافق لمذهب العامة ويحتمل أن يكون القلتان إنما تسع المقدار المذكور وقس على ما ذكرنا حال بعض الروايات الأخر الذي يتوهم منافاته لما ذكر ولنذكر الان أدلة الفريقين أما الفرقة الأولى فاحتجوا بأن الأصل طهارة الماء لأنه خلق للانتفاع والانتفاع بالنجس لا يصح شرعا وفيه أنه لا يدل على أزيد من أن يكون الماء في أصل الخلقة طاهرا ولا نزاع فيه لكن لا ينفع هاهنا كما لا يخفى إلا أن ينضم إليه الاستصحاب فإن قلت عدم الحكم بالطهارة في صورة الشك بالنجاسة ينافي أيضا خلقه للانتفاع كما أن نجاسته في أصل الخلقة ينافيه إذ على هذا أيضا لا يمكن الانتفاع به قلت بعد ما ثبت بالشرع في كثير من المواضع أن احتمال النجاسة لا يعبأ به فحينئذ لا يبطل الانتفاع به بمجرد إن في صورة نادرة يعتد باحتمال النجاسة وهو ظاهر ولقوله (عليه السلام) كل ماء طاهر حتى يعلم إنه قذر علم قذارة الأقل من الأرطال المذكورة بالعراقي بملاقاة النجاسة بدليل من خارج فبقي الباقي وهذا جيد وقد نوقش فيه بأن المراد العلم بوقوع النجاسة لا الحكم ولا قوة لها وبأن الأقل متيقن والزايد مشكوك فيه فيجب نفيه بالأصل وهذا إنما يتجه بالنسبة إلى بعض الأمور التي يتفرع على الكرية لا جميعها فتأمل وبأن الحمل على العراقية يفضى إلى مقاربة التقدير بالوزن للتقدير المساحة كما ستعلم فيكون أولى من الحمل إلى المدنية لافضائه إلى التباعد بينهما وفيه أنه ممنوع إذ تباعد المدني عن المساحة على المشهور ليس بأبعد من تباعد العراقي عنه إلا أن يقال العراقي أقرب إلى مجموع طرق المساحة سوى ما ذكره ابن الجنيد من المدني وبصحيحة محمد بن مسلم ومرفوعة عبد الله المذكورتين وجه الاستدلال أن ما تضمنتاه من ستمائة أرطال لا يمكن أن يحمل على العراقي ولا على المدني لعدم عمل الأصحاب به رأسا فإن حمله على المكي إذ لا ثالث شايعا في عرفهم والرطل المكي يوازي رطلين بالعراقي فيثبت المراد واعترض عليه الشهيد الثاني (ره) بأنه يجوز أن يحمل ستمائة على المدنية لأنه قريب من قول القميين ويمكن أن يجري الدليل على وجه لا يرد عليه هذا الايراد بأن يقال لو لم يحمل على العراقي لم يمكن الجمع بين روايات الأرطال بخلاف ما إذا حمل على العراقي فإنه يمكن الجمع حينئذ فالحمل على العراقي أولى وهو ظاهر واحتج الآخرون بالاحتياط لأنه إذا حمل على الأكثر دخل الأقل فيه وبأنهم (عليه السلام) من أهل المدينة فينبغي حمل كلامهم على عادة بلدهم وأجيب عن الأول بأن الاحتياط ليس دليلا شرعيا مع أنه معارض بمثله لان المكلف مع تمكنه من الطهارة المائية لا يشرع له العدول إلى الترابية ولا يحكم بنجاسة الماء إلا بدليل شرعي فإذا لم يقم على النجاسة فيما نحن فيه دليل شرعي كان الاحتياط في استعمال الماء لا في تركه وعن الثاني أن المهم في نظر الحكيم رعاية ما يفهمه السايل وذلك إنما يحصل بمخاطبته بما يعهده من اصطلاح بلده والسايل فيما نحن فيه يجوز أن يكون عراقيا سيما أن المرسل عراقي فيمكن أن يكون الجواب على اصطلاح أهل
(١٩٦)