البتة بالبيان المذكور آنفا وإذ قد ثبت العلم بوقوع طهارة رافعة للحدث فنسرد الكلام إلى آخره كما ذكره (ره) فإن قلت لعل التقييد ليس لأجل الحكم في هذه الصورة بل إنما هو للحكم في الصورة الثانية إذ لا شك أن ذلك الحكم يحتاج إلى هذا التقييد لا يقال إن تقييد الحكم الأول أيضا لا أجل احتياج الحكم الثاني لا معنى له بل إنما يجب حينئذ تقييد الثاني فقط لان المراد إن التقييد لمجموع الحكمين من حيث هو مجموع ولا خفاء في أن هذا المجموع محتاج إلى التقييد باعتبار جزئة الثاني قلت هذا وإن كان نوع تأويل لكن ينافيه تعميمه آخرا من أنه إن لم يتفق له تحقق هذه القيود فيجب عليه الطهارة سواء علم حاله قبلهما أم لا ولا يذهب عليك أنه على تقدير العلم بكونه وضوئه غير مجدد يجب الحكم بالبناء على الطهارة إن لم يعلم الحال السابق أيضا بناء على الدليل المذكور ولا اختصاص له بالعلم لكن هذا الايراد إيرادا عليه (ره) لأنه لم يحضر الحكم في العلم غايته أنه يلزم إهماله (ره) لهذا أولا فساد فيه مع أنه يمكن أن يقال لما كان هذا لازما لما ذكره لان السابق لا يخلو من وجهين وأوجب البناء على الطهارة على كل وجه فاكتفى به ولم يتعرض للتصريح هذا وإذ قد عرفت مأخذ الأقوال فنقول الذي يقتضيه النظر أنه إذا حصل من جهة العادة أو فرض ما العلم بأن الواقع أيهما أو الظن أيضا على تقدير العبرة فلا إشكال وإن لم يحصل أحدهما فالظاهر عدم وجوب الطهارة كما يعلم وجهه من التأمل في الأقاويل السابقة إلا إذا ثبت إجماع على الوجوب في صورة خاصة والظاهر تحقق الاجماع في صورة عدم العلم بالحال السابق لان الخلاف الذي ذكروه إنما هو في صورة العلم فعلى هذا الظاهر الحكم بالوجوب في هذه الصورة مطلقا سواء كان من عادته التجديد أو لا وبعدم الوجوب في غيرها مطلقا إن لم يكن مخافة خرق الاجماع المركب لان ما ذكروه من الخلاف في صورة العلم أنما هو منحصر ظاهرا في القولين المذكورين من البناء على الضد أو السابق على تقدير أن يكون القائلون بالاطلاق أيضا متفقين مع القائلين بالقول الثاني أو الأقوال المذكورة على تقدير كونهم مخالفين هلم وهذا القول مخالف لها جميعا فإذن الاحتياط في إعادة الطهارة في جميع الصور سوى ما علم تحققها فيه بالقرينة الخارجية والله أعلم (ولو أفاد التعاقب استصحابا بنى عليه) قد مر ما يفي بشرح هذا الكلام (ولو ذكر بعد الصلاة ترك واجب إعادتهما) أي الوضوء والصلاة تدل عليه مضافا إلى لزوم الاتيان المأمور به على وجهه موثقة سماعة المتقدمة عند قول المصنف ولو تيقن أتى به مطلقا واعلم إن الذكر لو كان في أثناء الصلاة فالظاهر وجوب القطع والآتيان بالمنسي وما بعد مع عدم الجفاف وإعادة الوضوء مع الجفاف ثم استيناف الصلاة سواء كان المنسي الغسل أو المسح تدل عليه مضافا إلى الامر المذكور آنفا روايات كثيرة متظافرة منها رواية سماعة المذكورة ومنها ما رواه التهذيب في باب صفة الوضوء في الصحيح عن أحمد بن عمر قال سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن رجل توضأ ونسي أن يمسح رأسه حتى قام في الصلاة قال من نسي مسح رأسه أو شيئا من الوضوء الذي ذكره الله تعالى في القرآن أعاد الصلاة ومنها ما رواه أيضا في هذا الباب عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال سألته عن رجل توضأ ونسي أن يمسح رأسه حتى قام في الصلاة قال ينصرف فيمسح رأسه فيعيد ومنها صحيحة منصور المتقدمة في بحث الاستيناف ورواية أبي الصباح الكناني المتقدمة في بحث الموالاة ومنها ما رواه الفقيه في باب من ترك الوضوء عن زيد الشحام والمفضل بن صالح عن أبي عبد الله (عليه السلام) في رجل توضأ فنسي أن يمسح على رأسه حتى قام في الصلاة قال فلينصرف وليمسح برأسه وليعد الصلاة ثم أن الروايات المذكورة دالة على قطع الصلاة وأما التفصيل المذكور من الاتيان بالمنسي وما بعده مع عدم الجفاف وإعادة الوضوء معه فما يستنبط من الأبحاث السابقة (فإن تعدد الوضوء ولم يعلم محل المتروك أجزء الواجبان والنفلان دون الواجب والنفل في الأقوى) لو توضأ أحد ثم أحدث وضوء آخر ثم ذكر الاخلال بعضو من إحدى الطاهرتين ولم يعلم أيهما بعينه فحينئذ يتصور أربعة أقسام الأول أن يكونا واجبين الثاني أن يكونا مندوبين الثالث أن يكون الأول واجبا والثاني مندوبا الرابع بالعكس أما الأول فيتصور بأن يتوضأ مثلا في الوقت وجوبا ثم جدد وجوبا أيضا بالنذر أو ذهل عن الأول فتوضأ باعتقاد الوجوب وأما الثاني فيتصور بأن يتوضأ خارج الوقت ندبا ثم جدده ندبا أيضا أو ذهل عن الأول وتأهب لفريضة قبل دخول وقتها مثلا وأما الثالث فيتصور بأن يتوضأ في الوقت واجبا ثم جدده ندبا أو ذهل عن الوقت والوضوء وظن أنه ليس بوقت صلاة فتوضأ ندبا وأما الرابع فيتصور بأن يتوضأ قبل الوقت ندبا ثم ندر التجديد فجدد وجوبا أو ذهل عن الوضوء الأول فتوضأ في الوقت وجوبا وإذ قد تمهد هذا التصوير فنقول لا يخلو أما يكتفي في النية بالقربة فقط أو يعتبر معها الوجه أيضا بدون إحدى الامرين من الرفع أو الاستباحة أو يعتبره هو أيضا فعلى الأول الظاهر إجزاء إحدى الطهارتين وعدم الاحتياج إلى طهارة أخرى في جميع الصور لان الخلل أما في الأولى فالثانية صحيحة البتة لاشتمالها على القربة وإن كان في الثانية فالأولى صحيحة بطريق الأولى وعلى الثاني فلا خفاء في الصورة في صحة إحدى الطهارتين في الصورة الأولى وكذا في الثانية أيضا لو كان الوضوان معا في وقت خلو الذمة عن مشروط بالطهارة وأما إذا كان إحداهما وقت اشتغال الذمة به كما إذا توضأ ندبا قبل الوقت ثم جدده ندبا في الوقت عنه وعن الوقت وتوضأ ندبا ففيه إشكال سيأتي وكذا حال في الثالثة أيضا لو كان الوضوء الأول الواجب لم يكن واجبا لأجل وجوب مشروط به بل لنذر وشبهه وتضيق وقته أو كان لأجل المشروط أيضا لكن فات وقته والوضوء الثاني المندوب قد فعل في وقت خلو الذمة عن المشروط به وإلا ففيه الاشكال أيضا وأما في الرابع فالظاهر صحة أحديهما مطلقا وعلى
(١٤٥)