على ظاهره لم يثبت به النجاسة لجواز أن لا ينجس ويكون النزح واجبا ولم يجز استعماله قبله كما هو الظاهر من الاستبصار ومنها الشهرة بين الأصحاب وفيه إن الشهرة بمجردها ليست حجة نعم إنما تصير مرجحة ومؤيده لو لم يعارضها ما هو أقوى منها وفيما نحن فيه كذلك كما ظهر وجهه في تضاعيف الكلمات وسيجئ في بحث البالوعة ما يدل بظاهره على نجاستها بالملاقاة وسنجيب عنه إنشاء الله تعالى وأما البصروي أن كان مستنده في عدم نجاسته إذا كان كرا روايات الكر وفي نجاسته بدونه أدلة انفعال القليل بالملاقاة وقد يحتج له أيضا بما رواه التهذيب في زيادات باب المياه والاستبصار في باب البئر يقع فيها العذرة في الموثق عن عمار قال سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن البئر يقع فيها زنبيل عذرة يابسة أو رطبة فقال لا بأس إذا كان فيها ماء كثير وبرواية حسن بن صالح المتقدمة في بحث تحديد الكر ولا يخفى أن الجزء الأول من مذهبه لا نزاع لنا وهو كما قال وأما الجزء الثاني فالجواب عن أدلتها أما عن الأول فبمنع عموم أدلة انفعال القليل بالملاقاة ولو سلم فتخصص بالروايات المتقدمة فإن قلت بينهما عموم من وجه لا المطلق فلم لم يعكس الامر قلت لتأييدها بالأصل والاستصحاب وأما عن الثاني فبعدم صحة سنده وبحمله على الاستحباب جمعا وعن الثالث أيضا كذلك مع أن رواية زيدي متروك العمل بما يختص بروايته وأما الجعفي فلم نقف له على مستند أصلا وأما ما ذهب إليه العلامة في المنتهى والشيخ في ظاهر كتابيه من وجوب النزح فدليله الروايات الواردة بالنزح كما سيجئ وجوابه أنها تحمل على الاستحباب لعدم ظهورها في الوجوب ولو سلم الظهور فللجمع مع ما فيها من الاختلاف العظيم الذي قرينته ظاهرة عليه وحيث لم يثبت وجوب النزح فلا فايدة في التعرض لجواز الاستعمال قبله وعدمه والقول بالعدم لعل مستنده بعض الروايات التي ذكرنا أنه يدل على عدم جواز الوضوء والشرب قبل النزح كما سيجئ ومكاتبه محمد بن إسماعيل المذكورة ثانيا أيضا مما يمكن الاستدلال بها عليه ولو لم يكن العلامة (ره) قايلا به أمكنه الجواب بالحمل على الكراهة وأما الاحتمال الذي نسبه بعض إلى الشيخ كما ذكرنا فعلى تقدير تحققه كان مستنده في النجاسة الأدلة المتقدمة وفي عدم وجوب الإعادة مع عدم سبق العلم الروايات المتقدمة أولا الدالة على عدم وجوب الإعادة هذا ما بلغ إليه فهمنا في هذا الباب والله تعالى هو الملهم للصواب والاحتياط الاجتناب عن مائها عند ملاقاة النجاسة بدون النزح في بعض الأوقات حيث يوجد ماء غيره وأما إذا لم يوجد فلا والله تعالى أعلم بحقايق أحكامه (وطهره بنزح جميعه للمسكر) المراد بالمسكر ها هنا المايع بالأصالة لعدم نجاسة الجامد كالحشيشة اتفاقا واعلم إن أكثر القائلين بنجاسة البئر بالملاقاة أوجبوا نزح الجميع لوقوع الخمر مطلقا سواء كان قليلا أو كثيرا ونقل عن الصدوق في المقنع أنه فرق بين قليله وكثيره فحكم بوجوب عشرين دلوا لوقوع قطرة منه ويفهم من ظاهر المعتبر الميل إليه حجة الأكثر ما رواه التهذيب في باب تطهير المياه والاستبصار في باب البئر يقع فيها البعير والكافي في باب البئر في الصحيح عن الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال إذا سقط في البئر شئ صغير فمات فيها فانزح منها دلاء فإن وقع فيها جنب فانزح منها سبع دلاء وإن مات فيها بعير أو صب فيها خمر فلينزح وزاد في الاستبصار في آخره الماء كله وما رواه أيضا في البابين في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال إن سقط في البئر دابة صغيرة أو نزل فيها جنب ينزح منها سبع دلاء فإن مات فيها ثورا ونحوه أو صب فيها خمر نزح الماء كله وليس في الاستبصار أو نحوه وما رواه أيضا في البابين في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (عليه السلام) في البئر يبول فيها الصبي أو يصب فيها بول أو خمر فقال ينزح الماء كله ولا يخفى إن دلالة هذه الروايات على ما اتفق عليه القايلون بالنجاسة من وجوب نزح الجميع لوقوع الخمر الكثير ظاهرة وأما ما خالف فيه الصدوق ومن وقوع قطرة منه فغير ظاهرة إذ المتبادر من الصب وقوع الكثير ولا أقل من عدم ظهور تناوله لوقوع القطرة وعند عدم الظهور لا دلالة واحتج الصدوق بما رواه أيضا في البابين عن زرارة قال قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) بئر قطر فيها قطرة دم أو خمر قال الدم والخمر والميت أو لحم الخنزير في ذلك كله واحد ينزح منه عشرون دلوا فإن غلبت الريح نزحت حتى يطيب واعترض عليه أولا بأنه غير صحيح السند وثانيا بأنه غير ظاهر في القطرة بل شامل لها وللكثير أيضا وهو لا يعمل به بيانه أنه لو كان مختصا لما صح قوله (عليه السلام) فإن غلبت الريح لظهور إن القطرة لا تغلب الريح وأجيب عن الثاني بأنا نعرف إن الرواية مشتملة على حكم التغير ولكن ما الذي يقتضي صرفه إلى الخمر ليلزم المستبعد أو المحال مع عدم الاقتصار في الرواية عليه بل جمع فيها بينه وبين الميت ولحم الخنزير فأي مانع من إرادة التغير الحاصل من الميت وقرينة مع كونه الظاهر بقرينة الحال ومع التنزل فلا أقل من الاحتمال ولا يخفى ما في دعوى الظهور وأجيب أيضا بأنه يمكن أن يكون المراد فإن غلبت الريح بالصب وضعف بالاضمار وبأن الانصباب موجب لنزح الجميع فمع التغير أولى واحتج أيضا للصدوق بما رواه في البابين عن كردويه قال سئلت أبا الحسن (عليه السلام) عن البئر يقع فيها قطرة دم أو نبيذ مسكر أو بول أو خمر قال ينزح منها ثلاثون دلوا وهذا أيضا ليس بصحيح مع أنه لا يدل على مدعى الصدوق إلا أن يكون مراده من الاحتجاج نفي وجوب نزح الجميع ثم يجمع بين هذا الخبرين وسابقه بحمله على الاستحباب وإذ قد عرفت مأخذ القولين فاعلم إن ما يقتضيه النظر على تقدير نجاسة البئر بالملاقاة أن يقال أما أن لا يسلم الاجماع المركب على أن ليس حكم القطرة حكم ما لا نص فيه أو يسلم فإن لم يسلم فالظاهر دخوله في حكم ما لا نص فيه لعدم ظهور شمول الروايات الصحيحة لها والروايتان الأخيرتان لا عبرة بهما وسيجئ القول فيه إنشاء الله تعالى وإن سلم فحينئذ أما أن يقال بوجوب القدر المشكوك في التكاليف المشكوكة أولا فعلى الأول يجب نزح الجميع وعلى الثاني عشرون دلوا
(٢٢٠)