أن يقال أن في الأول يصدق الالتقاء دون الثاني (وفي المقطوع) أي الذكر الذي قطع وانفصل من البدن (وآلة البهيمة نظر) بناء على صدق الالتقاء وعدم التعارف والظاهر العدم تمسكا بالأصل وعدم ظهور ما يعارضه ولعل الفرق بين فرج البهيمة وإدخال آلته حيث فصل بينهما في الذكر بناء على وجوب الحد في الأول دون الثاني فيكون دليل وجوب الغسل في الأول أظهر لكن الظاهر من كلام النهاية كما نقلنا سابقا أنه يرى الامر بالعكس ولا يبعد أن يفهم هذا من كلام المصنف أيضا حيث استشكل هاهنا وحكم باحتياط وجوب الغسل في الأول المشعر باعتقاد عدم الوجوب ولم يظهر له وجه ويجب على الكافر بناء على أن الكفار مكلفون بالفروع لكن لا يصح منهم حال كفرهم وقد منعه بعض وموضعه في الأصول (ولا يجبه الاسلام) والظاهر لا خلاف بيننا في عدم سقوطه بالاسلام إذ لم ينسب إلى أحد منا القول بخلافه وإنما نسب في المنتهى القول به إلى أبي حنيفة واحتج على عدم السقوط بقوله تعالى وإن كنتم جنبا فاطهروا وكذا عموم الروايات الواردة بالغسل وبأنه لو كان محدثا بحدث أصغر لم يجز له الدخول في الصلاة إلا بالطهارة فكذا في الغسل والأخير ضعيف واحتج المسقطون بأنه لم ينقل عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه أمر أحدا بالغسل مع كثرة من أسلم من البالغين وهم غالبا لا يكادون يسلمون عن حدث الجنابة وبقوله (عليه السلام) الاسلام يجب ما قبله وأجيب عن الأول بالمنع من الترك إذ قد روى أبو داود عن قيس بن عاصم قال أتيت النبي (صلى الله عليه وآله) أريد الاسلام فأمرني أن أغتسل مع أنه لا يلزم أن يأمرهم بخصوصهم بل تكفي الأوامر الواردة بالغسل عموما وهو أيضا مثل ساير التكليفات التي لم يأمرهم بها حين الاسلام بخصوصهم وعن الثاني بالقدح بالسند ومنع عمومه بحيث يشمل ما نحن فيه (ويتعلق بالجنابة حرمة الصلاة والطواف) بالاجماع (ومس خط المصحف) بالاجماع أيضا قال في المعتبر وهو إجماع فقهاء الاسلام وفي المنتهى وهو مذهب علماء الاسلام ولعلهما حملا الكراهة في كلام ابن الجنيد على التحريم أو يعتدا بخلافه أو انعقد الاجماع بعده والفاضل الأردبيلي وصاحب المدارك رحمهما الله أسندا القول بالكراهة إلى المبسوط أيضا وهو سهو لأنه إنما قال بها في المحدث وأما في المجنب فقد صرح بالتحريم واستدل أيضا بقوله تعالى لا يمسه إلا المطهرون وقد تقدم الكلام فيه في فواتح الكتاب وقد مر أيضا في بحث تحريم المس للمحدث بعض الروايات الذي يمكن أن يستدل به على هذا المطلب ولو لم يكن دعوى الاجماع لم يبعد القول بالكراهة لكن الأولى حينئذ الاخذ بالحرمة ثم أنه قد تقدم في أوايل الكتاب في بحث مس المحدث الفروع التي يتعلق بالمس من المس باليد والجسد والكم وكذا مس الآيات وإن لم يكن في المصحف ونحوها فقس هاهنا عليه واعلم أنه قال المصنف (ره) في الذكرى ولا يمنع من مس كتب الحديث ولا الدراهم الخالية من القرآن أو المكتوب عليها القرآن ففي خبر محمد بن مسلم عن الباقر (عليه السلام) إني لأوتى بالدرهم فآخذه وإني لجنب ثم ذكر أنه عليه سورة من القرآن انتهى والظاهر أن الخبر الذي رواه ما في المعتبر قال فيه وفي جامع البزنطي عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) سألته هل يمس الرجل الدرهم الأبيض وهو جنب فقال والله إني لأوتى بالدرهم فآخذه وإني لجنب وما سمعت أحد يكره من ذلك شيئا إلا أن عبد الله بن محمد كان يعيبهم عيبا شديد يقول جعلوا سورة من القرآن في الدرهم فيعطى الزانية وفي الخبر ويوضع على لحم الخنزير انتهى ولا يخفى إن ما فهمه المصنف من هذا الكلام لا يخلو من شئ إذ لم يظهر أن من قوله وما سمعت إلى الاخر كلام الإمام (عليه السلام) فحينئذ لا دلالة إلا أن يقال إنه يشعر بأن الدراهم البيض التي كانت في زمانه (عليه السلام) يجعل فيها السورة وهذا أيضا إنما يتم لكان من كلام محمد بن مسلم أو يكون عبد الله بن محمد في زمان الإمام (عليه السلام) (وما عليه اسم الله تعالى) المراد مس نفس الاسم لا مس شئ كتب عليه الاسم وعموم ما عليه يدل على تحريم المس وإن كان على درهم أو دينار واستدل عليه بأن فيه التعظيم لشعاير الله بما رواه التهذيب في باب حكم الجنابة في الموثق عن عمار بن موسى عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال لا يمس الجنب درهما ولا دينارا عليه اسم الله تعالى ويمكن المناقشة في كل من الدليلين مع أن التهذيب روى في الباب المذكور في الموثق عن إسحاق بن عمار عن أبي إبراهيم (عليه السلام) قال سئلته عن الجنب والطامث يمسان بأيديهما الدراهم البيض قال لا بأس وأيضا نقل المحقق في المعتبر عن كتاب الحسن بن محبوب عن خالد عن أبي الربيع عن أبي عبد الله (عليه السلام) في الجنب يمس الدراهم وفيها اسم الله واسم رسوله قال لا بأس به ربما فعلت ذلك وقد أجاب الشيخ عن الرواية الأولى بأنه يمكن أن يكون إنما أجازه ذلك إذا لم يكن عليها اسم الله تعالى وإن كانت الدراهم بيضا ويمكن أن يجاب عن الأخرى أيضا بأن المراد مس موضع ليس فيه الاسلام من الدراهم لكن لا يخفى أنه خلاف الظاهر الذي يقتضيه النظر بالنظر إلى هذه الأدلة جواز مس اسم الله تعالى سيما إذا كان في دينار أو درهم لكن رعاية التعظيم ومتابعة الأصحاب ربما يمنع النفس عن الاجتراء على الحكم بالجواز (أو أسماء الأنبياء والأئمة (عليه السلام) قال المحقق في المعتبر قاله الشيخان ولا أعرف المستند ولعل الوجه رفع أسمائهم (عليه السلام) عن ملاقاة ما ليس بطاهر وليس حجة موجبة للتحريم والقول بالكراهة أنسب (وقراءة العزائم) العزائم في اللغة الفرايض كما في القاموس والمراد هاهنا السور التي فيها السجدات الواجبة وهي أربع سورة ألر وحم السجدة والنجم واقرأ باسم ربك وتسميتها بالعزائم باعتبار إيجاب السجدة عند قرائتها وتحريم قرائتها على الجنب إجماعي منا كما نص عليه المنتهى والمعتبر ويدل عليه أيضا ما رواه التهذيب في باب حكم الجنابة في الموثق عن زرارة ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) قال الحايض والجنب يقرآن شيئا قال نعم ما شاء إلا السجدة ويذكران الله تعالى على كل حال وما رواه أيضا في زيادات باب الأغسال في الحسن عن محمد بن مسلم قال قال أبو جعفر (عليه السلام) الجنب والحايض يفتحان المصحف من وراء الثوب ويقرآن القرآن ما شاء إلا السجدة ويدخلان المسجد مجتازين ولا يقعدان فيه ولا يقربان المسجدين الحرمين وهاتان الروايتان وإن أمكن المناقشة فيهما من حيث السند لكن معاضدتهما بالاجماع يكفي
(١٦٤)