كله ومن كلفه ما لا يطيق.
قلنا: لا خلاف بيننا في أن العامي، مكلف للعلم بالحق في أصول الدين، وهي أدق وأغمض وأوسع وأكثر شبها، وإذا جاز أن يطيق العامي معرفة الحق في أصول الدين وتميزه من الباطل، مع ما ذكرناه من غموضه وكثرة شبهه، فأولى أن يطيق ذلك فيما هو أقل غورا وأوضح طرقا.
فإن قيل: ليس يجب على العامي في أصول الدين إلا العلم بالجمل التي يشرف بها الحق، فأما التدقيق وكشف الغامض فليس مما يجب عليه.
قلنا: وما المانع من أن نقول ذلك في الفروع والشرائع؟ وأن معرفة الحق منها من الباطل، يكون طريقا مختصرا لا يخرج إلى التعميق والتدقيق، يكتفي به العامي كما اكتفى بمثله في الأصول.
فإن قيل: فما قولكم في عامي لا يقدر على شئ من النظر والتمييز للحق من الباطل؟ أتوجبون عليه تقليد العالم أم لا توجبون ذلك؟
فالجواب عن هذا السؤال أن من لا يقدر على تمييز الحق من الباطل في فروع الدين لا يقدر على مثل ذلك في أصوله، ومن هذه صفته فهو عامي في الأصول والفروع، ولا يجب عليه شئ من النظر والبحث، وكما لا يجبان عليه فلا يجب عليه التقليد في الفروع، كما لا يجب عليه مثل ذلك في الأصول وهذا جار مجرى البهائم والأطفال الخارجين عن التكليف، فلا حرام عليهم ولا حلال لهم.
ثم لو سلمنا أن العامي متعبد بتقليد العالم في الفتوى والعمل بقوله وإن جوز الخطأ عليه، كيف يكون في ذلك إثباتا لورود التعبد بالعمل في الشريعة على أخبار الآحاد، وكيف يحمل أحد الأمرين على الآخر؟
ثم نقسم تلك القسمة التي تقدم ذكرها، فنقول: إن كان مورد ذلك احتجاجا