عليه غشيانها مع اختلاف ملتها.
ولا خلاف في أنه لا يقبل خبر الفاسق عن النبي صلى الله عليه وآله، ولا خبر الذمي، فكيف يصح قياس قبول أخبار الشريعة على هذه المواضع مع ما بيناه.
وإذا جاز لمخالفنا أن يفرق بين قبول الأخبار عن الرسول صلى الله عليه وآله في التحليل والتحريم، وبين قبول خبر الوكيل الموكل في ابتياع أمة أو عقد على حرة، وبين قبول قول المرأة في طهرها وحيضها، وإن كان الكل غير معلوم، بل المرجع فيه إلى طريقة الظن. جاز لنا أن نفرق بين أخبار التحليل والتحريم، وبين سائر ما عدد.
وكيف قياس هذه المواضع المشروعات مع اختلاف عللها وأسبابها على بعض، ونحن نعلم أن فيها ما لا يقبل فيه إلا شهادة الأربعة، وفيها ما يجزي فيه شهادة الشاهدين، وفيها ما يجزي فيه شهادة الواحد، وفيها ما لا يعتبر فيه عدالة الشاهد ولا إيمانه، وفيها ما لا بد من اعتبار العدالة والايمان. فمع هذا الاختلاف والتفاوت كيف يجوز قياس البعض على البعض.
وإن أريد القسم الثاني، وهو دخول أحد الأمرين في صاحبه، فذلك أوضح فسادا وأشد تهافتا، لأن من المعلوم الذي لا يختل على عاقل أن العمل بأخبار الشريعة في تحليل أو تحريم الواردة عن النبي صلى الله عليه وآله عبادة مفردة لا مدخل لها في سائر ما عدد في الفصل من ابتياع الإماء، والعقد على الحرائر والرجوع إلى أقوال النساء في الطهر والحيض، بل لا يدخل بعض هذه الأمور المذكورة في بعض.
وكل شئ ذكر منها قائم بنفسه لا يشتمل عليه وعلى غيره جملة واحدة، وقد كان يجوز عندنا جميعا أن تخلف العبادة في جميع ما ذكرناه وعددناه، ويتعبد في بعضه بما لا يتعبد به في جميعه.