فإن قيل: إذا كنتم تقولون في أن الإخبار عن الغائبات من جملة المعجزات على إجماع المسلمين، وإجماع المسلمين إنما يكون حجة إذا ثبت أنه عليه السلام نبي صادق، فقد تعلق كل أحد من الأمرين بصاحبه، فإن ادعيتم أن الإخبار عن الغيب إذا كانت صادقة كانت خارقة للعادات، مع ما يدعى للكهنة ذهبوا أن الذي يحكى عن الكهنة لا يقطع عليه، أليس هو مجوزا على كل حال إما بأن يكون من جهة الحس، والذي يحكى من استراقهم السمع، أو على وجه آخر.
والجواب عن هذا السؤال: إنا إذا علمنا صحة نبوته (عليه السلام) بالقرآن، وما جرى مجراه من الآيات الباهرات، وعلمنا صحة الإجماع من بعد ذلك، ووجدناهم مجمعين على أن الإخبار عن الغائبات من جملة آياته ومعجزاته وأنه خارق للعادة، علمنا بطلان كل تجويز كل قبل (١) ذلك في كل كاهن أو غيره، وهذا بين لمتأمله.
المسألة السابعة عشر [حول آية: ولكم في القصاص حياة] إذا كان جواز بقاء المقتول ظلما حيا لو لم يقتل وجواز موته في الحال بدلا من قتله في العقول على سواء.
فهل يدل قول الله تعالى ﴿ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب﴾ (2) على أن المقتول ظلما كان لو لم يقتل يبقى حيا يكون ذلك إخبارا منه عن إقامة