الفصل السابع [اعتماد العقلاء على الخبر الواحد والجواب عنه] إن قيل: قد علمنا إقدام العقلاء على التصرف عند أخبار الآحاد بحسبها فيما يتعلق بالدين والدنيا، كما يقدمون على التصرف عند الادراك وخبر العدد الكثير، ولا يوجد منهم من يقر (1) تصرفه على ما يشاهده ويتواتر الخبر به ولا يتجاوزه، بل يتبعون أخبار الآحاد من الأفعال والأحكام، مثل ما يتبعون المشاهدة وأخبار العدد الكثير، وقد تقدم السؤال فيما يتعلق بالدين وأمثلته.
فأما ما يتعلق بالدنيا فأكثر من أن يحصى، لتعلقها بضروب المنافع ودفع المضار المشتملة على الأكل والشرب والنكاح والخلط، والتصرف في الأموال والنفوس والدول والممالك، لا يفرق الملوك والرؤساء وجميع العقلاء والعلماء بين ما يرويه القواد وما تضمنه الكتب وتأتي به الرسل، وبين ما يشاهده ولم يتواتر (2) عليها الخبر به من تجهيز الجيوش، والتولية والغزاء للأمراء والعمال والغزات والحكام وإظهار المسار، وإمساك المصائب، وتجديد البيعة، وأخذ العهود، ودفع الأموال، ونقل الحرم والذخائر من بلد إلى بلد.