الكلام على ذلك: أن أورد مضمون هذا الفصل على سبيل الاستدلال والاحتجاج في أن الخبر الذي لا يوجب العلم يجوز من طريق العقول التعبد به، كان في موضعه. لأن من يحيل عقلا العبادة بالأخبار التي لا توجب لعلم لا يمكن دفع هذه الحجة عن نفسه، لأن سائر ما أشير إليه في الفصل من ابتياع الإماء والعقد على الحرائر والتوصل إلى استباحة الفروج أو حظرها، لا يمكن أن يدعي فيه العلم، وإنما طريق جميعه الظن.
ومع ذلك فقد وقع العمل به على حد لو كان معلوما لم يزد عليه، وذلك مزيف لا محالة لمذهب من أحال ورود العبادة بالعمل بما ليس بمعلوم من الأخبار.
وأن أورد مضمون هذا الفصل على سبيل الاحتجاج في وجوب العمل بالأخبار الواردة بتحريم أو تحليل عن النبي صلى الله عليه وآله وإن لم نعلم صدق رواتها، وهذا الوجه قصد بهذا الفصل دون الأول.
فهو احتجاج في غير موضعه، لأنا نقول للمعول على ذلك: ليس يخلو من أن تقيس العمل بخبر الآحاد الواردة بالتحليل والتحريم على العمل في هذه المواضع التي عددتها وتجمع بينهما بعلة تحررها وتعينها، أو تظن أن أحد الأمرين داخل في صاحبه، وأنه تفصيل لجملته على ما أشرت إليه في أثناء الفصل.
فإن أردت القسم الأول، وهو طريقة القياس، فذلك مثل غير صحيح، لأنه لا خلاف في أن العبادة بأخبار الآحاد وإثباتها لا يتطرق إليه بالقياس، ومعول من ذهب إلى ذلك على طرق لهم معروفة، يعتقدون أنها توجب العلم كالاجماع وما جرى مجراه.
وأيضا فإن من وكل وكيلا في ابتياع أمة، أو عقد على حرة يرجع إلى قوله في تعينها إذا حملها إليه، سواء كان فاسقا أو عدلا مليا أو ذميا، وإذا أخبرته زوجته أو أمته بطهورها استباح وطئها إن كانت ذمية، إذا أخبرت بحيضها حرم