وإن قلنا لو ولد الخبر لوجب أن يولد جنسه وكل جزء منه ومن فعل كل فاعل ولكل سامع.
كان له أن يقول: ما يولد العلم يفارق سائر الأسباب حسب ما نقوله في النظر وتوليد العلم ومفارقته لسائر الأسباب.
وإن قلنا: إن ذلك يؤدي إلى أن يفعل في الوقت الواحد بالسبب الواحد علوما لكل من سمع الخبر.
كان له أن يقول: إلى ذلك أذهب، وليس هناك ما يحيله ويفسده إذا تغاير من يفعل العلم له.
الكلام على ذلك: أما ما تضمنه ابتداء هذا الفصل، فهو مذهب النظام في قوله (إن خبر الواحد يوجب العلم على بعض الوجوه). وهذا مذهب ضعيف سخيف، قد بين في الكتب بطلانه وبعده عن الصواب.
ودل على فساده بأشياء:
منها: أنه لو كان خبر الواحد يوجب العلم، لوجب ذلك في كل خبر مثله، وكان أحق المخبرين بذلك رسول الله صلى الله عليه وآله، وكان يجب استغناؤه عن المعجزات، وإن لم يعلم صدقه من غير دليل يقترن إليه. وكان يجب في الحاكم إذا لم يعلم صدق المدعي ضرورة أن يعلمه كاذبا، فلا يسمع ببينة.
وأيضا فلو كان الخبر مولدا للعلم، لم يكن بعض حروفه بالتوليد أولى من بعض، فكان يجب إما أن يكون العلم متولدا عن كل حرف من حروف الخبر، وهذا يؤدي (1) إلى أن يقع العلم عند أي حرف وجد من حروفه، وقد علم بطلان ذلك.