في هذه المسألة، وهو أن نقول لهم: بم تدفعونا أن يكونا اعتقدا أن الملك أفضل من النبي، وغلطا في ذلك، وهو منهما ذنب صغير، لأن الصغائر تجوز عندكم على الأنبياء. فمن أين لكم أن اعتقاد آدم عليه السلام لا بد أن يكون على ما هو عليه؟ مع تجويزكم الصغائر عليه، وهذا مما لا يوجدون فيه فصلا.
المسألة الحادية والعشرون [تحدي القرآن بقوله (فأتوا بسورة من مثله)] قال لي قائل وقد أسى: إذا كنتم معشر المسلمين تظنون الآن من نفوسكم أن من أتاكم بمثل سورة من سور القرآن صغيرة كانت أو كبيرة، كانت الحجة له لا عليه.
فها أنا أورد لكم مثل سورة (إنا أعطيناك الكوثر) على وجهين : أحدهما (لقد أتيناك المفخر، فتهجد به وأشهر، واصبر فعدوك الأصغر).
والآخر (لقد أنذرناك المحشر، وشددنا أزرك بحذر، فاصبر على الطاعة توجر).
فقلت له: الأول كلام أبدل بكلام في معناه، فقال: وما الذي تخرجه عن المعارضة وإن كان كذلك، مع أن الثاني على غير هذه الصفة، وقد صحت فيه الفصاحة والنظم اللذان وقع التحدي بهما. ثم ذكر (قل يا أيها الكافرون) وادعى أنها لبعيدة من الفصاحة.
وسيدنا (فسح الله في مدته) لينعم بما عنده في ذلك، وبإيضاح خروج ذلك عن المعارضة، هذا إن كان قوله (فأتوا بسورة من مثله) يوجب تخييرهم طوال السور وقصارها.