لأنه يستحيل، فيقدر الأغبياء أنه (عليه السلام) قد عجزه تعالى، ونفي عن قدرته شيئا مقدورا، فأجاب به وأراد أن الله تعالى قادر على ذلك لو كان مقدورا، ونبه على قدرته على المقدورات بما ذكره من العين، وأن الادراك يحيط بالأمور الكثيرة، وإلا فهو (عليه السلام) أعلم بأن ما أدركه بعيني ليس بمنتقل إليها ولا حاصل فيها، فيجري مجري دخول الدنيا في البيضة.
وكأنه (عليه السلام) قال: من جعل عيني على صفة أدرك معها السماء والأرض وما بينهما لا بد أن يكون قادرا على كل حال مقدور، وهو قادر على إدخال الدنيا في البيضة لو كان مقدورا، وهذا أقرب ما يؤل عليه هذا الخبر الخبيث الظاهر.
المسألة الرابعة عشر [حول قول إبراهيم: هذا ربي] ما جواب من اعترض ما أورده (حرس الله مدته) في كتابه الموسوم ب (التنزيه) (١) من تجويزه أن يكون قول إبراهيم (عليه السلام) للنجم والشمس والقمر ﴿هذا ربي﴾ (2) أول وقت تعين فرض التكليف للنظر عليه وأنه قال ذلك فارضا له مقدرا، لا قاطعا ولا معتقدا، فلما رأى أفول كل واحد منها رجع عما فرض وأحال ما قدر.
فقال: الذاهب إلى هذا لا ينفك من أن يلزمه أحد أمرين، وهما القول بأن تحيز هذه الكواكب وحركاتها لا تدل على حدوثها، كما تدل على (3) أفولها،