المسألة الثانية عشر [الكلام في كيفية إنذار النمل] هذه المسألة تضمنت الاعتراض على تأويلنا السابق فيما حكاه تعالى عن النملة والهدهد بقوله.
أما الكلام فيما يخص الهدهد فقد استقصيناه في جواب المسائل الواردة في عامنا هذا، وأجبنا عن كل شبهة ذكرت فيه، ولا معنى لإعادته.
فأما الاستبعاد في النملة أن تنذر باقي النمل بالانصراف عن الموضع، والتعجب من فهم النملة عن الأخرى، ومن أن يخبر عنها بما نطق القرآن به، من قوله ﴿يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون﴾ (1).
فهو في غير موضعه، لأن البهيمة قد تفهم عن الأخرى بصوت يقع منها، أو فعل كثيرا من أغراضها. ولهذا نجد الطيور وكثيرا من البهائم يدعو الذكر منها الأنثى بضرب من الصوت، يفرق بينه وبين غيره من الأصوات التي لا تقتضي الدعاء.
والأمر في ضرب الحيوانات وفهم بعضا عن بعض مرادها وأغراضها بفعل يظهر أو صوت يقع، أظهر من أن يخفى، والتغابي عن ذلك مكابرة.
فما المنكر على هذا أن يفهم باقي النملة من تلك النملة التي حكي عنها ما حكى الانذار والتخويف فقد نرى مرارا نملة تستقبل أخرى وهي متوجهة إلى جهة، فإذا حاذتها وباشرتها عادت عن جهتها ورجعت معها.