علي أو على المأمور، والداعي هو المؤثر عندكم، فيجب أن يكون أمرا بذلك الفعل وإن لم أرده، بل وإن كان كرهته غاية الكراهة، لأن الإرادة على هذا المذهب الذي نحن متكلمون على فساده لم يكن أمرا لها ومن أجلها، وإنما كان أمرا للداعي، وهو ثابت، فيجب أن أكون على هذا أمرا بما أكرهه ولا أريده، ومعلوم فساد ذلك.
وقد كنا قلنا: إن الدواعي قد تكون متقدمة سابقة، وأحكام الأفعال والأقوال متجددة، فكيف يؤثر أحوالا متجددة معان متقدمة؟ وقد تكون الدواعي ضرورية، فكيف يؤثر الضروري الذي ليس من فعلي. وما يفيد به هذا المذهب كثير، والكفاية واقعة بما اقتصرنا عليه.
المسألة الثامنة [بيان قوله عليه السلام: سلوني قبل أن تفقدوني] ما جواب من قال: لو سلم لكم أن القول الذي أفصح به أمير المؤمنين عليه السلام على رؤوس الأشهاد، وهو (سلوني قبل أن تفقدوني) يدل بظاهره وفحواه على أنه عليه السلام مشتمل على جميع علوم الدين، وأنه غير مخل بشئ منها.
وفرض ذلك من طريق النظر دون ما يذهب إليه خصومكم، من أن مراده عليه السلام كان الإخبار عن تقدم قدمه فيه ووفور حظه منه، لكان ظاهر هذا المقال يدل على أنه لا يوجد بعد فقد عينه عليه السلام من الزمان من ينوب منابه، ويسد مسده في الإجابة عن جميع السؤال.
إذ لو كان عالما بوجود من يجري مجراه عليه السلام إذ ذاك لما حذر من