وأحكامها وما يتعلق بحظرها وإباحتها من آكد أحكام الشريعة التي قد شدد في أمرها، والتحرز عند الإقدام عليها، والنهي (1) من التعرض لما يشتبه منها.
وكذلك بين طوائف الأمة في أن للعالم أن يفتي العامي فيما يستفتيه من العبادات والأحكام، ولا توجد طائفة من طوائف الأمة تتوقف عن ذلك وتمنع منه وتنكر على فاعله، بل جميعهم يرى القرب بذلك.
ولو كانت مما العمل به محظور والأخذ به محرم، لكانت من أفحش البدع وأخزاها، لما فيها من التغرير والصد عن طلب العلم، ولا يلزم المستفتي منه والابهام (2) له الاستكفاء بقولهم ووجوب القبول منهم.
فإن قلنا: إن في الأمة من يحظر القبول من المفتي بالتقليد له، ويلزم المستفتي النظر والبحث، كما يلزمه ذلك في أصول الدين.
كان له أن يقول: ما ادعيت على آحاد الأمة، بل ادعيته على طوائفها. ثم لا يجب الرجوع عما أعمله (3) من عمل الطوائف واضطر إليه من حالها، برواية عن واحد أو اثنين لا أعلم صحة الرواية عنهما.
ولو صحت الرواية عنهما وسمعت ذلك منهما، لكان الإجماع السابق لهما ماضيا عليهما ومبطلا لقولهما، وقد تقدم معنى قولنا في الإجماع، وأن القول الذي يضاف إلى من علمنا أنه غير المعصوم لا يعترض على القول الذي في جملة القائل به المعصوم وإن لم يتعين.
فإن قلنا: لو سلم بوجوب العمل بالفتيا لم يجب العمل بأخبار الآحاد، لأن ذلك مما لا يثبت بالقياس.