المسألة الثانية [حكم مسح مقدم الرأس] مسح مقدم الرأس غير مستقبل الشعر. واعلم أن هذه الكيفية أيضا في مسح الرأس مسنونة، ويكره تركها ومخالفتها، وإن كان من خالفها بأن استقبل الشعر تاركا للفضل ومخالفا للسنة، إلا أن فعله يجيز أن يبيح بمثله الصلاة.
والحجة في ذلك: ما تقدم من إجماع الإمامية عليه. ويمكن أن يحتج فيه من طريق الاحتياط، بأن من لم يستقبل الشعر في مسح الرأس، لا خلاف بين الأمة في أنه لم يعص ولم يبدع. ومن استقبل الشعر اختلف فيه، ومن الناس من يبدعه ويخطيه، ومنهم من يصوبه، فالاحتياط والاستظهار ترك الاستقبال، ففيه الأمان من التبديع والتخطئة. ويمكن أن تستعمل هذه الطريقة المبنية على الاحتياط في المسألة الأولى.
فإن قيل: هذه الطريقة التي سلكتموها في اعتبار الاحتياط توجب عليكم القول أن مسح جميع الرأس أولى وأحوط، لأن من مسح بعض رأسه يذهب قوم من أهل العلم إلى أنه ما أدى الفرض، وإذا مسح الجميع فبالاجماع يكون مؤديا للفرض. وكذلك إذا قيل في من غسل رجليه: إنه قد فعل ما يأتي من المسح والغسل فهو مؤد للفرض باتفاق، وليس كذلك من مسح الرجلين.
قلنا: الأمر بخلاف ما ظن، لأن مذهبنا أن من مسح جميع رأسه معتقدا أداء الفرض، فهو مبدع مخطئ، ولا إجماع في من مسح جميع رأسه أنه سليم من التخطئة والتبديع. ومن غسل رجليه عندنا فما مسحهما، ولا يجوز له أن تستبيح الصلاة بغسل رجليه، لأن الغسل والمسح يتنافيان، ولا يدخل أحدهما في صاحبه على ما ظنه قوم.