[حجية ظواهر الكتاب والسنة في إثبات الأحكام الشرعية] وربما اتفق في بعض المسائل غير هذه الطريقة، وهي: أن يكون عليها دليل من ظاهر كتاب الله، أو من سنة رسول الله صلى الله عليه وآله مقطوع بها معلوم صحتها.
وربما اتفق في بعض الأحكام أن يكون معلومة من مذاهب أئمتنا المتقدمين للإمام الغائب الذين ظهروا وعرفوا وسئلوا وأجابوا وعلموا الأحكام.
فقد علمنا ضرورة من مذاهب أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليه السلام تحريم كل شراب مسكر، ومسح الرجلين، تحريم المسح على الخفين، وأن تكبيرات الصلاة على الميت خمس، وأن الطلاق الثلاث بلفظ واحد لا يقع، وما جرى مجرى هذه المسائل من الأمور التي ظهرت عنهم واشتهرت.
وإذا علمت (1) مذهبهم وكانوا عندنا حجة معصومين، كفى ذلك في وقوع العلم بها والقطع على صحتها، ولا اعتبار بمن خالفنا في العمل بشئ مما عددناه عنهم، ووقع أن يكون مشاركا في المعرفة بذلك، لأن المخالف في هذا: إما أن يكون معاندا، أو مكابرا، أو يكون ممن لم تكثر خلطته لنا أو تصفحه لأخبارنا أو سماعه من رجالنا. لأن العلم الضروري ربما وقف على أسباب من مخالطة، أو مجالسة، أو سمع أخبار مخصوصة.
وعلى هذا لا ينكر أن يكون من لم تتفق خلطته بأصحاب أبي حنيفة، وسماع أخبارهم عن صاحبهم، لا يعلمون من مذاهب أبي حنيفة ما يعلم أصحابه ضرورة.