ما يخيل لنا أنا ساكنون عالمون.
والسكون إلى المشاهدات وإلى أخبار البلدان بخلاف هذا، لأنه لا يصحبه ولا يقترن إليه شئ من التجويز لخلافه.
فعلمنا أن ما يحصل عند خبر الواحد، هو ظن قوي فيوهم علما. وأن الذي يحصل عند الدركات وغيرها مما ذكرناه هو العلم الحقيقي. ولهذا ربما انكشف كل شئ، رأيناه وسمعناه في الموضع الذي يذهب النظام إلى أنه علم من خلافه.
فظهر أن الأمر بخلاف ما أشيع وأعلن، وأن تلك الإشاعة كان لها سبب من اجتلاب منفعة، أو دفع مضرة. وهذا لا نجده بحيث يحصل العلم واليقين على وجه ولا سبب.
فأما ما مضى في خلال هذا الفصل، من أنه غير ممتنع أن يعلم الله تعالى من مصلحة العباد أن يفعل العلم عند خبر الواحد إذا كان مضطرا إلى ما أخبر به ويخرج خبره مخرج الشهادة، وكان من الشرط كذا وكذا. فلعمري أن هذا غير ممتنع ولا محال، وإنما أحرز (1) القائل بهذه الاشتراطات عن مواضع معروفة ألزمت من ذهب إلى هذا المذهب.
لكنا قد علمنا أن ذلك وإن كان جائزا في العقل، فإنه لم يكن بما تقدم من الأدلة، وهو أننا نجد نفوسنا عند الخبر الذي هذه صفته وقد تكاملت الشرائط كلها له، لا تنفك من تجويز - وإن كان مستبعدا - لا يكون (2) الأمر بخلاف ما تضمنه الخبر، فلو كان العلم حاصلا لارتفع هذا التجويز، ولم نر له عينا ولا أثرا، كما قلنا في المشاهدات وغيره.