هي كمال العقل، وإذا كان العقل من قبل (1) العلوم والاعتقادات، وقلب البهيمة يحتمل الاعتقادات لا محالة، بل كثيرا من العلوم وإن لم يكن تلك العلوم عقلا.
فأي فرق بين العلم الذي هو عقل، وبين العلم الذي ليس بعقل في احتمال القلب له؟ وما احتمل الجنس الذي هو الاعتقاد، لا بد أن يكون محتملا للنوع الذي هو العلوم.
فإن قيل لنا: على هذا فإذا جوزتم أن يكون البهائم - وهي على ما هي عليه - في قلوبها علوم هي كمال العقل، والتكليف تابع لكمال العقل، فألا جوزتم أن تكون مكلفة وهي على ما هي عليه، كما جوزتم أن تكون عاقلة.
قلت: الصحيح أن نقول: إن ذلك جائز لولا الدلالة على خلافه، والمعول في ذلك على إجماع المسلمين على أن البهائم ليست بكاملة العقول ولا مكلفة وهذا أيضا معلوم من دين النبي صلى الله عليه وآله، ولهذا روي عنه عليه السلام أنه قال: جرح العجماء جبار (2). وإنما أراد أن جنايات البهائم لا شئ فيها.
ولا اعتبار بقول طائفة من أهل التناسخ بخلاف ذلك، لأن أصحاب التناسخ لا يعدون من المسلمين، ولا ممن يدخل قوله في جملة الإجماع، لكفرهم وضلالهم وشذوذهم من البين.
وإنما قلنا إن الهدهد الذي خاطبه سليمان عليه السلام وأرسله بالكتاب لم يكن عاقلا، لأن اسم الهدهد في لغة العرب وعرف أهلها اسم لبهيمة ليست بعاقلة