إياهم جواز نسخ شريعتهم بمثل ما نعتصم به من أن تأييدها معلوم من ديننا ومجمع عليه بيننا، وقابلونا في هذه الدعوى على النسوان (1)، وقالوا: إذا جعلتم ظهور معجز دالا على بطلان ما ادعيناه من أن ذلك لنا، أفيجب قبل ظهور المعجز ألا يكون إلى بطلان ما ذكرناه أننا نعلمه من ديننا طريق معلوم صار إليه طريق.
فإن قلتم: لا يجب ذلك، بل قد كان إليه قبل ظهور المعجز طريق ما ذكروه (2) وبينوا أن مثله غير لازم لكم.
وإن قلتم لم يكن إليه من قبل طريق، ثم صار إليه طريق كانت الحجة حينئذ للعباد على الله سبحانه لا له عليه. ولزمكم أن تجوزوا حصول طريق فيما بعد حالكم هذه تعلمون به بطلان ما ادعيتموه من تأييد شرعكم.
الجواب:
إعلم أن المعول في أن شريعة نبينا صلى الله عليه وآله مؤبدة لا تنسخ إلى قيام الساعة، على أنه قد علم مخالف وموافق ضرورة من دينه أنه كان يدعي ذلك ويقضي به ويجعل شريعته عليه السلام بذلك المزية على الشرائع المتقدمة.
فإن الملحد الدهري والثنوي المازي (3) واليهودي والنصراني. يعلمون هذا من حاله، وأنه عليه السلام كان يدعيه، كما يعلم ذلك المسلمون المتبعون.
وإذا دل المعجز على صدقه وصحة نبوته، ثبت بهذين الأمرين أن شرعه مؤبد.
وليس يمكن اليهود أن تدعي أن العلم بتأييد شرعها، وأن نبيها موسى عليه السلام. معلوم من دينه ذلك، كما ادعاه المسلمون، لأن العلم الضروري