تول عنهم فانظر ماذا يرجعون) (١) ولو اعن (٢) أحدنا من يقصر عقله عن عقل المكلفين على مثل هذا المهم العظيم لكان سفيها.
وقوله من قبل (أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبأ بنبأ يقين) إلى قوله ﴿الله لا إله إلا هو رب العرش العظيم﴾ (٣) وما في هذا القصص من جودة اعتباره وحسن تدبيره، كقوله ﴿ألا يسجدوا لله الذي يخرج الخبء في السماوات والأرض﴾ (4) الآية.
فهل يسوغ الانصراف عن هذه الظواهر الغريبة بغير دلالة عقلية تحيل أن يعطي الله سبحانه العقل حيوانا مثله، وما أولاه (كبت الله أعداءه) يذكر ما عنده في ذلك إن شاء الله.
الجواب:
إنا قد كنا ذكرنا في جواب المسائل الأولى الواردة في معنى ما حكي عن النملة والهدهد ما قد عرف ووقف عليه. ونحن نجيب الآن عما في هذا السؤال المستأنف، ونزيل هذه الشبهة المعترضة، وأول ما نقوله:
إن في الناس من ذهب إلى أنه لا يجوز أن يكون الهدهد وما أشبهه من البهائم كامل العقل، وهو على ما هو عليه من الهيئة والبنية، وعد ذلك في جملة المستحيل وهذا ليس بصحيح [و] لا دلالة عقلية تدل على ذلك.
ومن أين لنا أن بنية قلب الهدهد وما جرى مجراه لا تحتمل العلوم التي