أحدهما - وهو الأقوى والأرجح - أن يكون الصوت المسموع من العجل ليس بخوار على الحقيقة، وإن أشبه في الظاهر ذلك. وإنما احتال السامري بأن جعل في الذي صاغه من الحلي على هيئة العجل فرجا ومنافذ وقابل به الريح، فسمعت تلك الأصوات المشبهة للخوار المسموعة من الحي وإنما أخذ القبضة (1) التراب من أثر الملك وألقاها فيما كان سبك من الحلي ليوهمهم أن القبضة هي التي أثرت كون العجل حيا مسموع الأصوات، وهذا مسقط للشبهة.
والوجه الآخر: أن الله تعالى كان أجرى العادات في ذلك الوقت، بأن من أخذ مثل تلك وألقاها في شئ فعل الله تعالى فيه الحياة بالعادة، كما أجرى العادة في حجر المقناطيس، بأنه إذا قرب من الحديد فعل الله تعالى فيه الحركة إليه. وإذا وقعت النطفة في الرحم فعل الله تعالى فيها الحياة.
وعلى الجوابين معا ما فعل الله تعالى آية معجزة على يد كذاب ومن ضل عن القوم عند فعل السامري، إنما أتى من قبل نفسه.
أما على الجواب الأول أنه كان ينبغي أن يتنبه على الحيلة التي نصبت حتى أوهمت أنه حي وأن له خوار، وإذا لم سخت (2) عن ذلك فهو القاصر.
وعلى الجواب الثاني قد كان يجب أن يعلم أن ذلك إذا كان مستندا إلى عادة جرت بمثله، فلا حجة فيه وليس بمعجزة. ولم يبق مع ما ذكرناه شبهة.