وقد جاء في القرآن وأخبار النبي صلى الله عليه وآله لذلك نظائر كثيرة ، فمن ذلك قوله تعالى حكاية عن السماء والأرض (قالتا أتينا طائعين (1)) والمعنى لو كانتا مما يقولان لقالتا.
وقوله جل اسمه (إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا (2)) أنها لو كانت (3) يشفقن ويأبين لأبين ويشفقن.
وقوله (لو كتبت القرآن في أهاب ثم ألقي في النار لما احترق) (4) وعلى هذا معناه وتقديره: لو كانت النار لا تحرق شيئا لجلالته وعظيم قدره لكانت لا تحرقه.
ولا يجعل على هذا الوجه سليمان (عليه السلام) مستفيدا من الهدهد خبر سبأ، بل كان سليمان (عليه السلام) بذلك عالما قبل حضور الهدهد، فلما حضر الهدهد بعد غيبته وعلم أنه من تلك البلدة ورد أضاف إليه من القول والخبر ما لو كان مخبرا لقاله، كما قيل في الحوض والجبل.
فإن قيل: ألا جوزتم أن يكون الله تعالى فعل في الهدهد كلاما هذه صفته، وكذلك في النملة.
قلنا: إضافة القول إليهما دونه تعالى يمنع من ذلك، والقائل هو فاعل القول دون محله.
فأما قوله (لأعذبنه عذابا شديدا) فالعذاب هو الألم والضرر، وليس