بينهما فقد ضل عن الصواب، وكيف يذهب عما ذكرناه ذاهب.
وقد علمنا أن النبي صلى الله عليه وآله إذا حمل الرسالة، ولم ينعم أمته النظر في معجزه، واشتبه عليهم الأمر في صدقه: فكذبوه لا يقول أحد أن الله تعالى يسقط عن أمته التكليف فيما كان ما يؤديه لطفا فيه ويقتلون (1) في إسقاطه غير واجب، بأن اشتباه الحق عليهم في صدقه لا يخرجهم من أن يكونوا متمكنين من العلم بما فيه مصلحتهم من جهته، إنما أتوا من قبل تقصيرهم، ولو شاؤوا لا صابوا الحق وعرفوا من جهة المصلحة.
وهذا الاعتلال صحيح، وهو قائم في المسألة التي ذكرناها، لأن الأمة مع استتار النبي عليه السلام عنهم لخوفه على نفسه، يتمكنون من معرفة ما يحتاجون إليه من جهته، بأن يؤمنوه ويزيلوا مخافته. ولهذا يقول أهل الحق: إن اليهود والنصارى مخاطبون بشريعتنا مأمورون بكل شئ أمرنا به منها.
فإذا قيل لنا: كيف يصح من اليهودي والنصراني وهو على ما هو عليه من الكفر الصلاة أو الصيام؟.
كان جوابنا: إنه يقدر على الإيمان والمعرفة بصدق الرسول، فيعلم مع ذلك صحة الشريعة ووجوبها عليه، فيفعل ما أمر به.
ولأنا نقول: إن تكليف الشريعة سقط عنه مع الكفر، للتمكن الذي أشرنا إليه، وهو قائم في الموضع الذي اختلفنا فيه.
وعلى هذا الذي ذكرناه هاهنا يجب الاعتماد، فهو المحقق المحصل.
وما مضى في آخر المسألة من الكلام في كيفية التأييد للإمام عليه السلام ومنع الأعداء منها، وهل يجب القطع على وجوب ظهوره على كل حال؟ إدا أطبق الخلق على ضلال، إلى آخر ما ختمت به المسألة. فقد مضى بيان الحق