وليس كذلك استتار الإمام عليه السلام، لأن الأمر في الأحكام في حال غيبته مشكل غير متمهد ولا متقرر فغير صحيح والأمر بالعكس منه. لأن إمام الزمان عليه السلام لم يغب إلا وشريعة الرسول عليه السلام قد أديت ومهدت وتقررت، وأدى الرسول من ذلك ما وجب عليه، وبين الأئمة بعده من لدن وفاته إلى زمان الإمام الغائب (على جماعتهم الصلاة والسلام) من شريعته ما وجب بيانه، وأوضحوا المشكل وكشفوا الغامض.
فاستوى الأمران في جواز الغيبة مع الخوف على النص ما روى كثير من المعتزلة يذهبون إلى أن الله تعالى لو علم أن النبي عليه السلام الذي بعثه ليؤدي الشريعة ما لا يمكن علمه إلا من جهة يخصه الله على نفسه، ويقتلونه إن أدى إليهم ما حمله، وعلم أنه ليس في المعذور ما يصرفهم عن قتله من لطف وما يجري مجراه مما لا ينافي التكليف.
فإن الله تعالى يسقط عن أمته التكليف الذي ذلك الشرع لطف فيه، ويجرون ذلك مجرى أن يعلم تعالى أن النبي المبعوث يكتم الرسالة لا يؤديها، وليس الأمر على ما ظنوه.
وبين (1) الأمرين واضح لا يخفى على متأمل، لأن بعثه من لا يؤدي ويعلم من جهته أنه لا يتم الرسالة سد على الأمة طريق العلم بما هو مصلحة لها في الشرائع.
[و] ليس كذلك إذا أخافوه على نفسه فاستتر وهو مقيم بين أظهرهم، لأنهم والحال هذه يتمكنون من معرفة ما هو لطف لهم من الشرائع، بأن يزيلوا خوفه ويؤمنون، فيظهر لهم ويؤدي إليهم.
ففوت المعرفة هاهنا من جهتهم، وفي القسم الأول من جهة غيرهم على وجه لا يتمكنون من إزالته. فما النبوة في هذه المسألة إلا كالإمامة، ومن فرق