أكثر من إفادته أنه مبرز في القدرة على من عجز عنه وليس يفيد ذلك حكمته لأن سعة القدرة غير مؤدية إلى حكمة القادر.
وكذلك لو صدقه قولا لم يكن تصديقه له دليلا على صدقه، إلا بعد العلم بأن مصدقه حكيم لا يسفه، وعالم لا يجهل، وغني لا يحتاج، لأن من يجوز ذلك عليه يجوز منه تصديق الكاذب وتكذيب الصادق، جهلا بقبح ذلك أو حاجة إلى فعله.
فسقط أن يكون قول الرسول أو الإمام عليهما السلام طريقا إلى معرفة الله سبحانه، وبقي أن يكون مجئ الرسل بالشرائع والأئمة المستخلفين بعدهم داخل (1) في باب الألطاف.
وإذا كان الإمام كذلك أمر الأمر بإقامته (2) من مصالح الدنيا، وأكثر ما فيه أن يكون كبعض الألطاف الشرعية، وما هذه سبيله لا يؤخذ بقياس عقل، بل هو كأصول الصلاة والزكاة وغيرهما.
وإذا كانت كذلك، فجائز أن يستوي عند الله تعالى إيجابها وإسقاطها، فلا يتعبدنا بها، وأكثر ما في ارتفاعه مشقة في التكليف وتأخر بعض الحقوق، إلا أن يتولى الله تعالى الحكم بين عباده. وإن كان قد يمكن أن يكون بالضد من ذلك، فيكون ترك نصبه وإمامته تسهيلا وتيسيرا ونقصا من التكليف.
فقد بان وجه الاستغناء عنه في المعرفة بالله سبحانه وقعي أنه إنما ينقل شريعة غيره، فلو أتى شئ (3) من قبله لم يقبل منه، وجرى مجرى الأمير والحاكم