على سامعيه اشتباه تبلغ بهم إلى حد يجوزون.
مع أنه متى اعتقد مكلف أن القول الدال عندنا على الإمامة، واللاحق بالأدلة التي لا يدخلها احتمال ولا مجاز دال على ذلك، كان عاصيا للرسول صلى الله عليه وآله مع تخصيصه بمشاهدة الآثار المؤكدة لبيانه، دون من صفته هذه، إلى أن يخرج عن حد المكلفين، ويسقط عنه الملامة في شئ من أمور الدين أقرب، بل ذلك أولى وهو فيه واجب، وليس القوم عندنا هكذا.
فلا يبقى إلا أنهم قد فهموا ثم عصوا بعد البيان عنادا وتركا.
هذا ما قد عرفناه من فائدة لفظ (النص) في لسان العرب، وأنه الإظهار والإبانة، ولذلك شواهد منها قولهم (قد نص قلوصه) إذا أبانها بالسير وأبرزها من جملة الإبل، ونص فلان مذهبه: إذا أبانه وأظهره.
وقول امرئ القيس:
وجيد كجيد الريم ليس بفاحش إذا هي نصته ولا بمعطل فثبت أنه القول المنبئ عن المقول فيه على سبيل الإظهار والإبانة.
وقد اشتهرت مذاهب الطائفة أن رؤساء جاحدي النص لم يزالوا منذ سمعوه جاحدين له، لانطوائهم في حياة النبي صلى الله عليه وآله على النفاق حتى أخبر الله عز وجل عنهم بأنهم يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم.
وأي حاجة بنا إلى التسليم للخصم أنهم أطاعوه من قبل فيما عدده من الانفاق بدنيا، وعصوا في النص بالشبهة، وهو لا يناسبها ما قد استمر في مذهبنا ومع التمكن من جهل الأفعال التي يموهون بحسن ظاهرها على ما يطابق ذلك لأن الله تعالى قد أخبر أنه لا يقبل إنفاقهم، إذ كانوا يفعلونه كارهين، وأخبر أنهم لا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى.