كاسفناكم (1) بتغليبكم إذا كانوا كذلك. وما ذاك إلا لاختلاف الأسباب على ما بيناه.
ولو وجب ذلك لوجب مثله على الأنبياء المستترين في حال استتارهم عن الأنام، وقد كانوا إذ ذاك مطبقين على الضلال.
وبعد: فكيف أوجبتم ظهوره ورفعتم عذره عند ذاك على شرط التأييد له من الله تعالى، والمنع لإعدائه من الوصول، أم على وجه التخلية بينه وبينهم.
فإن كان على شرط التأييد، فكيف أوجبتم تأييده عند ذلك ولم توجبوه عند استمرار الظلم وعدم حقية الحكم، وارتفاع العلم به، والنص عليه على وجه ينقطع به العذر، ويرتفع الخلاف فيه بين الكل، وتعطيل الحدود وحدود المعضلات والمشكلات.
وإن كان على وجه التغرير منه بنفسه، فكيف وجب تغريره بها في ذلك، ولم يجب في هذا، وكيف يجب عليه من ذلك ما لم يجب على الأنبياء في حال الاطباق على الضلال، فهم على جملة التقية والاستتار قالوا أولا مهرب من الذي أردناه إلى ما قلناه ولا جوزناه.
فقولوا ما عندكم فيه وأقربوه بالدليل الذي يتميز من الشبهة وبيانها في المعنى والصفة لنعمة منكم إنشاء الله تعالى.
الجواب:
أما الفرق بين تشريع استتار نبي بخوف من أمته، وبين استتار إمام الزمان، بأن النبي صلى الله عليه وآله قد تبين شريعته وأداها وأوضحها ومهدها في النفوس، فاستتاره غير قادح في طريق العلم بالحق.