وعظم حتى خررت مغشيا علي، قال: فارتفعت حين ارتفعت وكأني نصب أحمر، قال:
فأتيت زمزم فغسلت عني الدماء وشربت من مائها، قال: فبينما أهل مكة في ليلة قمراء أضحيان إذ ضرب الله على أصمختهم، قال: فما يطوف بالبيت أحد منهم غير امرأتين، قال: فأتتا علي وهما تدعوان أسافا ونائلة، قلت: أنكحا أحدهما الأخرى، قال: فما ثناها ذلك عن قولهما، قال: فأتتا علي، فقلت: هن مثل الخشبة غير أني لم أكن، قال: فانطلقتا تولولان وتقولان: لو كان ها هنا أحد من أنفارنا، قال: فاستقبلهما رسول الله (ص) وأبو بكر وهما هابطان من الجبل، قال: ما لكما؟ قالتا: الصابئ بين الكعبة وأستارها، قالا: ما قال لكما؟ قالتا: قال لنا كلمة تملا الفم، قال: وجاء رسول الله (ص) حتى انتهى إلى الحجر فاستلمه هو وصاحبه، قال: وطاف بالبيت ثم صلى صلاته، قال: فأتيته حين قضى صلاته، قال: فكنت أول من حياه بتحية السلام، قال: (وعليك ورحمه الله ممن أنت؟
قلت: من غفار، قال: فأهوى بيده نحو رأسه، قال: قلت: في نفسي كره أني انتميت إلى غفار، قال: فذهبت آخذ بيده، قال: فقد عنى صاحبه، وكان أعلم به مني، فرفع رأسه فقال: متى كنت ها هنا؟ قال: قلت: قد كنت ها هنا منذ عشر من بين يوم وليلة، قال:
فمن كان يطعمك؟ قال: قلت: ما كان لي طعام غير ماء زمزم فسمنت حتى تكسرت عكن بطني، وما وجدت على كبدي سخفة جوع، فقال رسول الله (ص): إنها مباركة إنها طعام طعم، قال: فقال: صاحبه: ائذن لي في إطعامه الليلة، فانطلق رسول الله (ص) وأبو بكر فانطلقت معهما، قال: ففتح أبو بكر بابا فقبض إلى من زينب الطائف، قال:
فذلك أول طعام أكلته بها، قال: فلبثت ما لبثت أن غبرت ثم لقيت رسول الله (ص) فقال رسول الله (ص): (إني قد وجهت إلى أرض ذات نخل - ولا أحسبها إلا يثرب - فهل أنت مبلغ عني قومك، لعل الله أن ينفعهم بك، وأن يأجرك فيهم). قلت: نعم فانطلقت حتى أتيت أنيسا فقال: ما صنعت؟ قلت: صنعت أني أسلمت وصدقت، قال أنيس: وما بي رغبة عن دينك، إني قد أسلمت وصدقت، قال: فأتيت أمنا، فقالت: ما بي رغبة عن دينكما، فإني قد أسلمت وصدقت، قال: فاحتملنا حتى أتينا قومنا غفارا قال: فأسلم بعضهم قبل أن يقدم رسول الله (ص) المدينة، قال: وكان يؤمهم إيماء بن رحضة وكان سيدهم، قال: وقال بقيتهم إذا قدم رسول الله (ص): أسلمنا، قال: فقدم رسول الله (ص) المدينة فأسلم بقيتهم، قال: وجاءت أسلم فقالوا: إخواننا نسلم على الذي أسلموا عليه، قال: فأسلموا، قال: فقال رسول الله (ص): (غفار غفر الله لها، وأسلم سالمها الله).