وهو صحيح في باطن الأمور والوجه الثاني أنه لو كان كذبا لا تورية فيه لكان جائزا في دفع الظالمين قال الماذري وقد تأول بعضهم هذه الكلمات وأخرجها عن كونها كذبا ولا معنى لامتناع من إطلاق لفظ أطلقه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال النووي أما إطلاق لفظ الكذب عليها فلا يمتنع لورود الحديث به وأما تأويلها فصحيح لا مانع منه وقد جاء ذلك مفسرا في غير مسلم فقال ما فيها كذبة إلا بها عن الاسلام أي يجادل ويدافع انتهى ملخصا قوله (هذا حديث حسن صحيح) وأخرجه الشيخان قوله (وأبو داود) هو الطيالسي إنكم محشورون أي ستبعثون عراة بضم العين جمع عار وهو من لا ستر له (غرلا) بضم المعجمة وسكون الراء جمع أغرل وهو الأقلف وزنه ومعناه وهو من بقيت غرلته وهي الجلدة التي يقطعها الخاتن من الذكر كما بدأنا أو خلق نعيده الكاف متعلق بمحذوف دل عليه نعيده أي نعيد الخلق إعادة مثل الأول والمعنى بدأناهم في بطون أمهاتهم حفاة عراة غرلا نعيدهم يوم القيامة وبقية الآية وعدا علينا منصوب بوعدنا مقدر قبله وهو مؤكد لمضمون ما قبله إنا كنا فاعلين أي ما وعدناه قال أول من يكسى يوم القيامة إبراهيم تقدم الكلام عليه مبسوطا في باب شأن الحشر من أبواب صفة القيامة وتقدم فيه بقية الكلام على قوله عراة وأنه سيؤتى برجال من أمتي أي جماعة منهم والتنكير للتقليل فيؤخذ بهم ذات الشمال أي إلى جهة النار فأقول رب أصحابي خبر مبتدأ محذوف تقديره هؤلاء إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك المراد من الاحداث الارتداد عن الاسلام كما يدل عليه قوله الآتي فيقال هؤلاء لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم وفي حديث عن أبي هريرة عند البخاري من طريق عطاء بن يسار عنه أنهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى قال القاضي يريد بهم من ارتد من الأعراب الذين أسلموا في أيامه كأصحاب مسيلمة والأسود وأضرابهم فإن أصحابه وإن شاع عرفا فيمن يلازمه من المهاجرين والأنصار شاع استعماله لغة في كل من تبعه مرة وقيل أراد بالارتداد إساءة
(٦)