وفتنة الممات يجوز أن يراد بها الفتنة عند الموت أضيفت إليه لقربها منه ويكون المراد بفتنة المحيا على هذا ما قيل ذلك ويجوز أن يراد بها فتنة القبر وقد صح في حديث أسماء أنكم تفتنون في قبوركم مثل أو قريبا من فتنة الدجال ولا يكون مع هذا فالوجه متكررا مع قوله عذاب القبر لأن العذاب مرتب عن الفتنة والسبب غير المسيب انتهى قوله (هذا حديث صحيح غريب) وأخرجه مسلم وأبو داود والنسائي قوله اللهم إني أعوذ بك من فتنة النار أي فتنة تؤدي إلى النار لئلا يتكرر ويحتمل أن يراد بفتنة النار سؤال الخزنة على سبيل التوبيخ وإليه الإشارة بقوله تعالى كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير وعذاب النار أي من أن أكون من أهل النار وهم الكفار فإنهم هم المعذبون وأما الموحدون فإنهم مؤدبون ومهذبون بالنار لا معذبون بها وعذاب القبر وهو ضرب من لم يوفق للجواب بمقامع من الحديد وغيره من العذاب والمراد بالقبر البرزخ والتعبير به للغالب أو كل ما استقر أجزاؤه فيه فهو قبره وفتنة القبر أي التحير في جواب الملكين ومن شر فتنة الغني وهي البطر والطغيان وتحصيل المال من الحرام وصرفه في العصيان والتفاخر بالمال والجاه ومن شر فتنة الفقر وهي الحسد على الأغنياء والطمع في أموالهم والتذلل بما يدنس العرض ويثلم الدين وعدم الرضا بما قسم الله له وغير ذلك مما لا تحمد عاقبته قال الغزالي فتنة الغني الحرص على جمع المال والحب على أن يكسبه من غير حله ويمنعه من واجبات إنفاقه وحقوقه وفتنة الفقر يراد به الفقر الذي لا يصحبه صبر ولا ورع حتى يتورط صاحبه بسببه فيما لا يليق بأهل الدين والمروءة ولا يبالي بسبب فاقته على أي حرام وثب اللهم اغسل خطاياي أي أزلها عني والبرد بفتحتين وهو حب الغمام جمع بينهما مبالغة لأن ما غسل بالثلاثة أنقى مما غسل بالماء وحده فسأل بأن يطهره التطهير الأعلى الموجب لجنة المأوى والمراد طهرني بأنواع مغفرتك وانق من الإنقاء وفي رواية مسلم نق من التنقية من الدنس أي الوسخ وباعد أي أبعد وعبر بالمفاعلة مبالغة والمراد بالمباعدة محرما ما حصل منها والعصمة عما سيأتي منها وهو مجاز لأن حقيقة المباعدة إنما هي في الزمان والمكان وموقع التشبيه أن النقاء المشرق والمغرب مستحيل فكأنه
(٣٢٨)