وتب أي خسر هو وهذه خبر كقولهم أهلكهم الله وقد هلك ولما خوفه النبي صلى الله عليه وسلم بالعذاب فقال إن كان ما يقول ابن أخي حقا أفتدى منه بمالي وولدي نزل ما أغنى عنه ماله ما للنفي وما كسب مرفوع وما موصولة أو مصدرية أي ومكسو به أو وكسبه أي لم ينفعه ماله الذي ورثه من أبيه والذي كسبه بنفسه أو ماله التالد والطارف وعن ابن عباس رضي الله عنهما ما كسب ولده سيصلى أي سيدخل نارا ذات لهب أي ذات توقد وتلهب وامرأته عطف على ضمير يصلى سوغه الفصل بالمفعول وصفته وهي أم جميل بنت حرب بن أمية أخت أبي سفيان بن حرب عمة معاوية بن أبي سفيان وكانت في نهاية العداوة لرسول الله صلى الله عليه وسلم حمالة الحطب قرأ الجمهور حمالة بالرفع على الخبرية على أنها جملة مسوقة للإخبار بأن امرأة أبي لهب حمالة الحطب وأما على ما قدمنا من عطف وامرأته على الضمير في يصلي فيكون رفع حمالة على النعت لامرأته والإضافة حقيقية لأنها بمعنى المضي أو على أنه خبر متبدأ محذوف أي هي حمالة وقرأ عاصم بالنصب على الذم أي أعني حمالة الحطب أو على أنه حال من امرأته واختلف أهل التأويل في معنى قوله حمالة الحطب فقيل كانت تحمل الشوك والحسك والعضاه بالليل فتطرحه في طريق النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لتؤذيهم بذلك وهي رواية عن ابن عباس وقيل كانت تمشي بالنميمة وتنقل الحديث وتلقى العداوة بين الناس وتوقد نارها كما توقد النار الحطب يقال فلان يحطب على فلان إذا نم به في جيدها أي عنقها حبل من مسد أي ليف وهذه الجملة حال من الضمير المستكين في حمالة الحطب الذي هو نعت لامرأته أو خبر مبتدأ مقدر أو خبر ثان لقوله وامرأته قال الرازي في تفسيره قوله تعالى (في جيدها حبل من مسد) قال الواحدي المسد في كلام العرب الفتل يقال مسد الحبل يمسده مسدا إذا أجاد قتله وحبل ممدود إذا كان مجدول الخلق والمسد ما مسد أي فتل من أي شئ كان فيقال لما فتل من جلود الإبل ومن الليف والخوص مسد ولما فتل من الحديد أيضا مسد إذا عرفت هذا فنقول ذكر المفسرون وجوها أحدها في جيدها حبل مما مسد من الحبال لأنها كانت تحمل تلك الحزمة من الشوك وتربطها في جيدها كما يفعل الحطابون والمقصود بيان خساستها تشبيها لها بالحطابات إيذاء لها ولزوجها وثانيها أن يكون المعنى أن حالها يكون في نار جهنم على الصورة التي كانت عليها حين كانت تحمل الحزمة من الشوك فلا تزال على ظهرها حزمة من حطب النار من شجرة الزقوم وفي جيدها حبل من سلاسل النار فإن قيل الحبل المتخذ من المسد كيف يبقى أبدا في النار قلنا كما يبقى الجلد واللحم والعظم أبدا في النار ومنهم من قال ذلك المسد يكون من الحديد وظن من ظن أن المسد لا يكون من الحديد خطأ لأن المسد هو المفتول سواء كان من الحديد أو من غيره قوله (هذا حديث حسن صحيح) وأخرجه الشيخان والنسائي
(٢١٠)