أدخلوا آل فرعون أشد العذاب وليس المراد منه أيضا الدنيا لأن عرض النار عليهم غدوا وعشيا ما كان حاصلا في الدنيا فثبت أن هذا العرض إنما حصل بعد الموت وقبل يوم القيامة وذلك يدل على إثبات عذاب القبر في حق هؤلاء وإذا ثبت في حقهم ثبت في حق غيرهم لأنه لا قائل بالفرق فإن قيل لم لا يجوز أن يكون المراد من عرض النار عليهم غدوا وعشيا عرض النصائح عليهم في الدنيا لأن أهل الدين إذا ذكروا لهم الترغيب والترهيب وخوفوهم بعذاب الله فقد عرضوا عليهم النار ثم نقول في الآية ما يمنع من حملها على عذاب القبر وبيانه من وجهين الأول أن ذلك العذاب يجب أن يكون دائما غير منقطع وقوله يعرضون عليها غدوا وعشيا يقتضي أن لا يحصل ذلك العذاب إلا في هذين الوقتين فثبت أن هذا لا يمكن حمله على عذاب القبر الثاني أن الغدوة والعشية إنما يحصلان في الدنيا أما في القبر فلا وجود لهما فثبت بهذين الوجهين أنه لا يمكن حمل هذه الآية على عذاب القبر والجواب عن السؤال الأول أن في الدنيا عرض عليهم كلمات تذكرهم أمر النار لا أنه يعرض عليهم نفس النار فعل قولهم يصير معنى الآية الكلمات المذكرة لأمر النار كانت تعرض عليهم وذلك يفضي إلى ترك ظاهر اللفظ والعدول إلى المجاز أما قوله الآية تدل على حصول هذا العذاب في هذين الوقتين وذلك لا يجوز قلنا لم لا يجوز أن يكتفي في القبر بإيصال العذاب إليه في هذين الوقتين ثم عند قيام القيامة يلقى في النار فيدوم عذابه بعد ذلك وأيضا لا يمتنع أن يكون ذكر الغدوة والعشية كناية على الدوام كقوله ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا أما قوله إنه ليس في القبر والقيامة غدوة وعشية قلنا لم لا يجوز أن يقال عند حصول هذين الوقتين لأهل الدنيا يعرض عليهم العذاب انتهى قوله (هذا حديث غريب) وأخرجه ابن جرير وابن أبي حاتم قوله ثم لتسألن يومئذ عن النعيم أي عن شكر ما أنعم الله به عليكم من الصحة والأمن والرزق وغير ذلك (إنما هما الأسودان) أي إنما عندنا نعمتان ليستا مما نسأل عنهما لدناءتهما وهما الأسودان (التمر والماء) بيان ل (الأسودان) أما التمر فأسود وهو الغالب على تمر المدينة فأضيف الماء إليه ونعت بنعته أتباعا والعرب تفعل ذلك في الشيئين يصطحبان فيسميان معا باسم الأشهر منها كالقمرين والعمرين كذا في النهاية أما بالتخفيف حرف تنبيه إنه سيكون هذا يحتمل وجهين
(٢٠٣)