بما أودعه من أسراره الباهرة للعالمين.
الفصل السادس والتسعون: واعلم يا ولدي محمد عضدك الله جل جلاله معاضدة عباده المقبلين وأسعدك سعادة من أسعده في الدنيا والدين أن الذي تقف عليه في كتب التواريخ أو في كتب الآداب أو كتب الحكمة والخطب فمهما وجدت فيها شيئا منسوبا إلى أبي بكر وعمر وأعداء أبيك علي عليه السلام فاعلم أنها موضوعة وليست من ألفاظ أولئك المتغلبين وإن أكثرها نسب إليهم في زمان معاوية وابنه يزيد وأيام بني أمية وما كان منها في أيامهم فهي من أهل الكتابة والخطابة من الصحابة الذين لهم عادة بالإصابة لأن أبا بكر وعمر وعثمان ما عرفنا أبدا منهم في الجاهلية مقاما ولا مقالا يقتضي تصديق نسبة الفصاحة إليهم ولا كانوا من هذا القبيل ولا عول أحد عليهم فيها. فأما ما ذكر من ألفاظ أو المكاتبات أيام خلافتهم فالعادة جارية في مثلهم ممن لم يعرف الفصاحة أوقات ولايتهم أنهم يستخدمون من ينشئ المكاتبات والجوابات كما ترى المماليك من الامراء والترك والعجم والملوك الذين لا يفقهون ما يكتبون كيف تجد لهم عند ولايتهم كتبا وجوابات منسوبة إليهم ومن المعلوم أن نوابهم وأصحابهم ما عولوا في إنشائها عليهم وأما ما يتعلق بالخطب والحكمة فإن بني أمية لما تظاهروا بلعن أبيك أمير المؤمنين عليه السلام على المنابر تقرب الطالبون للدنيا إليهم بوضع المناقب والفضائل لكل عدو لأبيك عليه السلام من الأواخر والأوائل تقية وطلبا للأمور الدنيوية وحسدا لكم على الشرف بالسعادة النبوية والولاية الإلهية.