الله أكرم وأعظم من الكثير من خلقه وإن كان كل منه فإن نظرت فلله المثل الاعلى فما تطلب من الملوك ومن دونهم من السفلة لعرفت أن لك في يسير ما تطلب من الملوك افتخارا وأن عليك في كثير ما تطلب من الزيادة عارا إنك لست بايعا شيئا من دينك وعرضك بثمن والمغبون من غبن نفسه من الله فخذ من الدنيا ما أتاك وتول من تولى عنك فإن أنت لم تفعل فأجمل في الطلب وإياك ومقاربة من رهبته على دينك وعرضك وباعد السلطان لتأمن خدع الشيطان وتقول ما ترى إنك ترغب وهكذا هلك من كان قبلك إن أهل القبلة قد أيقنوا بالمعاد فلو سمعته بعضهم يبيع آخرته بالدنيا لم تطب بذلك نفسا وقد يتحيل الشيطان بخدعه ومكره حتى تورطه في هلكة بعرض من الدنيا يسير حقير وينقله من شئ إلى شئ حتى يؤيسه من رحمة الله ويدخله في القنوط فتجد الراحة إلى ما خالف الاسلام وأحكامه فإن أبت نفسك إلا حب الدنيا وقرب السلطان فخالفتك إلى ما نهيتك عنه ما فيه رشدك فأملك عليه لسانك فإنه لا ثقة للملوك عند الغضب فلا تسأل عن أخبارهم ولا تنطق بأسرارهم ولا تدخل فيما بينهم وفي الصمت السلامة من الندامة وتلافيك ما فرط من صمتك أيسر من إدراك فائدة ما فات من منطقك واحفظ ما في الوعاء بشد الوكاء وحفظ ما في يدك أحب إليك من طلب ما في يد غيرك ولا تحدث إلا عن ثقة فتكون كذابا والكذب ذل وحسن التدبير مع الكفاف أكفى لك من الكثير مع الاسراف وحسن اليأس خير من الطلب إلى الناس والعفة مع الحرفة خير من سرور مع فجور والمرء أحفظ لسره ورب ساع
(١٧٢)