فليتنافس المتنافسون.
الفصل الرابع والثلاثون والمائة: ولقد انتهى الحال يا ولدي محمد تولي الله جل جلاله تدبيرك في سائر الأمور إلى نحو ما كنت قد استخرت فيه مالك يوم النشور من ترك المخالطة لأهل دار الغرور ولأنه جل جلاله اختار لي النقلة من الحلة بالعيال إلى مشهد أبيك (أمير المؤمنين علي) عليه السلام فكنت فيه كالمعتزل من الناس إلا في شاذ الأوقات ومفارقا للجماعة نحو ثلاث سنين كما شرحناه في كتاب (الاصطفاء) بعنايات عظيمة في الدين والدنيا ما عرفت الله جل جلاله تفضل على أحد مثلها ممن شرفه بسكنى ذلك المقام المكين، ثم اختار لي الانتقال بالعيال إلى مشهد جدك (الحسين) (ع) وهو جدك من جانب بعض جداتك أم كلثوم بنت زين العابدين عليه السلام وهو موطن أبعد عن الناس والبلاد لأن مشهد مولانا علي عليه السلام قريب من الكوفة وهي ترداد العباد، وكتبت إليك هذه (الرسالة) وأنا مقيم في جوار حرم (الحسين) عليه السلام في ظل تلك الجلالة معتزل عن الشاغلين منفردا أبلغ من ذلك الانفراد عن العالمين ثم قد وقع في خاطري أنني ربما إذا تم لي مجاورته ثلاث سنين أستخير في أن أتشرف بمجاورة مولانا (المهدي) وأبيه وجده (بسر من رأى) صلوات الله عليهم أجمعين وهو أبلغ في العزلة بالكلية لأنه بعيد عن بلادنا ومعارفنا وكأنه صومعة في برية ورجوت إذا أشرفني الله بهذه الأمنية أن تكون هذه المجاورة في الثلاثة المشاهد النبوية ما سبقني أحد فيما أعلم إلى مثلها وإلى شرف فضلها فما أعرف أحدا انتقل إلى كل