غير ما خلقت له من الطاعات والمراقبات أو أنفقت وقتا من أوقاتك في الغفلات، كان ذلك الخسران عائدا إليك بالنقصان ومثمرا أن يعاملك سيدك بالهجران واستخفاف الهوان ولا تقل أو تسمع من الجاهلين أو الغافلين أن هذا ما يقدر عليه فإنهم قالوا لنا مثل ذلك وعرفنا بالله جل جلاله أنهم غالطون فيما أشاروا إليه ووجدنا من نفوسنا وعقولنا أنها تتأدب مع الملوك والعظماء في دار الفناء ومع الأصدقاء والرفقاء بل ومع الغلمان والجيران ومن لا نرجوه لنفع وإحسان ولا لدفع أخطار الزمان أدبا بقدر من يجالسه أو يشاهده منهم فكيف جاز أن يكون الأدب مع علم الله جل جلاله بنا، وقدرته علينا وإحسانه إلينا دون هؤلاء الذين لا نبالي بالاعراض عنهم.
الفصل السابع والثلاثون والمائة: وإن احتجت إلى سفر يا ولدي كان الله جل جلاله لك حافظا في سفرك وجميع ما أحسن به إليك وخلفا لك في كل ما تغيب عنه مما أنعم به عليك فلا تسافر بالطبع والغفلة والأطماع الدنيوية فتكون مخاطرا مع الله جل جلاله ومهونا لجلالته الإلهية ومضيعا زمان أسفارك في غير ما ينفعك لدار قرارك بل يكون قصدك أنك تتوجه من الله جل جلاله لأنك حيث كنت فأنت بين يديه، وإلى الله جل جلاله بالتوكل عليه وبالله جل جلاله بالتفويض إليه وإليه جل جلاله بالاقبال عليه فيكون سفرك خدمة له وبه وسفرا إليه وتصير في حماية ورعاية وكفاية ذلك الاخلاص له والتقرب إليه ومهما جرى في ذلك السفر كان بلسان الحال كان دركه عليه لأن العقل قضى أن من سافر إلى سلطان عادل في شغله وتحت ظله ومتمسكا في سفره