الاعتناء بالشك بعد التجاوز عن المشكوك أو بعد المضي عنه بين الكل والجزء، فالأمر أوضح كما هو واضح.
(المبحث) الرابع في أنه ما المراد من المضي والتجاوز في القاعدتين؟
حيث جعل الشارع موضوع حكمه بعدم الاعتناء بالشك أحد هذين العنوانين، أو عنوان الخروج عن المشكوك والدخول في غيره؟
أقول: قد تقدم أن لمفهوم التجاوز والمضي مصداقين.
أحدهما: التجاوز عن نفس الشئ بمعنى إتمام وجوده والمضي عنه، وهذا مورد قاعدة الفراغ.
والثاني: التجاوز عن محله، وهذا مورد قاعدة التجاوز وهذان كلا هما مصداقان حقيقيان لمفهوم التجاوز عن الشئ، وليس في الثاني منهما تجوز أو إضمار، بل التجاوز عن المحل الذي عين الشارع لشئ يكون تجاوزا عن ذلك الشئ حقيقة، فالذي يقرأ السورة مثلا تجاوز حقيقة عن فاتحة الكتاب، وهكذا الأمر في جميع أجزاء المركبات التدريجية الوجود التي جعل الشارع لإيجاد أجزائها ترتيب، فكل جزء له محل شرعي لا يجوز تقديمه عليه ولا تأخيره عنه، لا كلام في هذا.
وإنما الكلام في أنه هل المحل العادي للجزء أيضا هكذا، بمعنى أن التجاوز عن المحل العادي للشئ هل تجاوز عن الشئ أم لا؟
فإن صدق عليه التجاوز عن الشئ حقيقة، كما أنه يصدق على التجاوز عن محله الشرعي التجاوز عن ذلك الشئ حقيقة.
كما أنه عليه السلام طبق الكبري على التجاوز عن محله الشرعي في ما نقلناه من رواية