ولكن الانصاف أن بيع الوقف إن كان من قبل الناظر أو الحاكم الشرعي، فحيث أنه يمكن أن يكون صحيحا لوقوعه مع وجود أحد المسوغات وليس وجود المسوغ من مقومات تحقق بيع الوقف عرفا، بل مما اعتبره الشارع في صحته، فبناء على الضابط الذي ذكرنا لجريان قاعدة أصالة الصحة تجري وتكون حاكمة على أصالة عدم وجود المسوغ، كما هو شأن قاعدة أصالة الصحة في جميع المقامات، حيث أنها تقدم على استصحابات العدمية.
نعم بناء على ما اختاره شيخنا الأستاذ (قدس سره) من اختصاص جريانها بصورة الشك في صحة العقد لاحتمال وجود خلل فيه، من فقد شرط من شرائط العقد، أو وجود مانع من موانعه. وأما إذا كان الشك من جهة عدم قابلية المتعاقدين أو أحدها شرعا لإيقاع المعاملة، ككونهما أو أحدهما غير بالغ، أو كان الشك من جهة عدم قابلية المال للنقل والانتقال كالوقف إلا مع طرو أحد المسوغات وكان طروه مشكوكا، فلا يجري هذا الأصل. (1) ولكن أنت عرفت ما في كلامه (قدس سره) وعمدة ما ذكره في وجه ما اختار، أن مدرك هذه القاعدة هو الإجماع، والإجماع قاصر عن شموله لغير شرائط العقد. وقد عرفت أن المدرك هو بناء العقلاء والسيرة لا الإجماع.
ومنها: بيع الصرف لو شك في القبض في المجلس، فالبناء على صحة العقد لا يثبت وقوع القبض في المجلس الذي هو شرط صحة المعاملة ووقوع النقل والانتقال شرعا.
ولكن أنت خبير أن بعد إحراز عنوان المعاملة وتحققه في نظر العرف، فأصالة الصحة تجري فيه ولو كان الشك في وقوعه شرعا من جهة احتمال عدم شرط اعتبره الشارع في صحة المعاملة، وترتيب الأثر عليها كالقبض في المجلس في مسألة بيع الصرف.